وجهها ، ويمكن أن يقال المراد اشتراط التقوى في تلك العبادة أي لا يقبل الله العبادة إلّا من المتّقين فيها بأن يأتي بها بحيث لا يكون عصيانا مثل أن يقصد بها الرئاء أو غيره من المبطلات أو المراد تقوى عن ذنب ينافي تلك العبادة فيكون إشارة إلى أنّ الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه وهو موجب للفساد ، وبالجملة يشترط في قبولها عدم كونها معصية ولا مستلزما لها ، الله يعلم (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) قال في الكشّاف : كان هابيل أقوى من قابيل ، ولكنّه تحرّج عن قتله واستسلم له خوفا من الله تعالى لأنّ الدفع لم يبح بعد أو تحرّيا لما هو الأفضل ، قال عليه الصلاة والسلام : كن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل ، ويمكن أن يقال التسليم غير ظاهر ، وكذا كونه مباحا فانّ وجوب حفظ النفس عقليّ ولا يمكن إباحة التسليم الّذي هو ينافيه بل هو قتل النفس والآية لا تدلّ على التسليم ، فإنّه قال (ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) فإنّه يدلّ على عدم بسط اليد بقصد قتله لا للدفع أيضا وهو ظاهر ويمكن فهم وجوب الدّفن من آخر الآية (١) فافهم.
الثانية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) (٢).
أي لا تصلّوا أيّها المؤمنون ، والمخاطبون هم الّذين يعلمون ما يقولون من السكارى وليس كلّ سكران لا يعقل فيصحّ تكليفهم ونهيهم عن الصلاة حين علموا
__________________
(١) يعنى قوله تعالى (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ) والآيات في سورة المائدة : ٢٧ ـ ٣١.
(٢) النساء : ٤٢.