والطائف : الدائر حول الشّيء ، والعاكف المقيم على الشّيء اللّازم له ، والرّكّع جمع راكع ، والسّجود جمع ساجد والبيت ومثابة مفعولا «جعلنا» «وأمنا» عطف على «مثابة» وللنّاس متعلّق بمثابة أو بمقدّر صفة لها «واتّخذوا» بتقدير وقلنا اتّخذوا. عطف على جعلنا ومصلّى مفعول اتّخذوا و «من» يحتمل التّبعيض متعلّقا به ، بمعنى اجعلوا بعض المكان القريب من المقام أو نفسه مصلّى أو للابتداء أو للتبيين ، وكونها زائدة أحسن لو جاز ، والعهد هنا الأمر كما صرّح به قال القاضي : أمرناهما.
ولعلّ المقصود كون البيت معبدا ، فيمكن فهم وجوب عبادة عنده ، ولعلّها تكون الطّواف وصلوته وباقي المناسك أيضا إذ لا قائل بغيرها ، وكونه موضع أمن ، فيمكن فهم وجوب جعله كذلك فلا يتعرّض لمن التجأ إليه من الجناة خارجا عنه ، كما قال الأصحاب وأبو حنيفة على ما نقل عنه القاضي ، ولكن فيهما تأمّل إذ يمكن كون «المثابة» بمعنى المرجع و «أمنا» بمعنى ذا أمن من العذاب في الآخرة ، فإنّ الحجّ يجبّ ما قبله على ما نقل ، وبمعنى أن لا يتعرّض له بالخراب ولا لأهله بالأذى فحمله بحيث يفهم ذلك يحتاج إلى شيء آخر ، فإنّ إسقاط حقّ مطالبة المال والدّم بمثل هذا بعيد مع أنّهم يقولون بذلك إذا التجأ إلى الحرم ولا يفهم من الآية إلّا الملتجئ إلى البيت إلّا أن يقال الملتجئ إلى الحرم ملتج إلى البيت أو يقال : إنّ المراد بالبيت هو الحرم ، لأنّه المنزل والمثابة والمرجع لكنّه بعيد إلّا أنّ للأصحاب ما يدلّ عليه من الأخبار بحيث يدلّ على أنّه المقصود من الآية ، وكأنّه لا خلاف عندهم فيه ويدلّ عليه أيضا (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (١) كما سيجيء (٢) وكذا قوله تعالى (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) (٣) ولكن في الدّلالة تأمّل فتأمّل. إلّا أنّ لهم روايات مبيّنة ، وكون الصّلاة المخصوصة في المقام المخصوص
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.
(٢) بل قد مر ص ٢١٦.
(٣) إبراهيم : ٣٥.