في الفقه ، والعمرة لغة الزّيارة ، وشرعا زيارته. كذلك أيضا ، والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة ، أي هما من أعلام مناسك الله ومتعبّداته ، والجناح هو الميل من الحقّ [إلى الباطل] والطّواف هو الدّوران حول الشّيء ، وليس هو المقصود هنا بل السّعي بينهما ، وقيل : التطوّع هو التبرّع بالنّافلة من الطّوع بمعنى الانقياد والمراد بالشّاكر هنا الّذي يجزي بالشّكر فسمّي من يجازيه شاكرا (١) مجازا كالتوّاب لقابلها ، فانّ ثناء الله وإثابته عبده على الطّاعة يشبه الشّكر ، ويعمل معاملة الشّاكر ، فكأنّه شاكر. وأصل يطّوّف يتطوّف ، قلبت التّاء طاء وأدغمت ونصب خيرا إمّا لأنّه صفة مصدر محذوف أي تطوّعا خيرا أو لأنّه قائم مقام المصدر المضاف إليه أي تطوّع خير فحذف المضاف وأقيم هو مقامه وأعرب بإعرابه أو مفعول تطوّع ، فإنّه يتضمّن معنى الفعل ، وإعراب الباقي ظاهر.
والمعنى أنّهما من معالم عباداتكم فالّذي يحجّ أو يعتمر فلا حرج ولا ميل من الحقّ إلى الباطل لو سعى بينهما على الطّريقة المنقولة من الشّارع ، ومن أتى بخير زائد على ما وجب عليه من الحجّ والعمرة أو الأعمّ فإنّ الله يجازيه ولا يضيع سعيه ، فإنّه مجاز محسن ، وعليم بالنيّات ويفعل الخيرات ، فيجازي بهما ، وأنّه لا يليق بحاله عدم إثابة من فعل خيرا طمعا لذلك لأنّه كريم.
فيمكن الاستدلال بها على جواز الزّيادة في الطّواف والسّعي على الواجب والموظّف ، بل جميع الخيرات والعبادات حتّى تكرار الصّلاة والصّيام والحجّ كما هو العادة في الحياة وبعد الممات فتأمّل ، وعلى كون السّعي بينهما عبادة لأنّه قال (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) أي محلّ العبادة ، والّذي يظهر من السّوق أنّ تلك العبادة هي الطّواف والسّعي بينهما ، ونفي الحرج والإثم لا ينافي الوجوب ، إلّا أنّه لا يثبته أيضا ولكنّه ثابت بغيره.
واختيار هذا اللّفظ المشعر بالإباحة لعدّ المسلمين ذلك كذلك ، على ما روي أنّه كان عليهما أصنام في الجاهليّة ، وأهلها كانوا يطوفون بهما ، ويمسحون تلك
__________________
(١) الذي يحزى فسمى جازيه شاكرا خ.