وعن ابن عبّاس لمّا نزلت أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله الغنيمة وهي أوّل غنيمة في الإسلام ، والسّائلون هم المشركون كتبوا إليه تعييرا وتشنيعا وقيل : إنّ تحريم القتال في الشهر الحرام وعند المسجد الحرام منسوخ بقوله تعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (١) و (قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) (٢) وفي صلاحية الأخيرة للنّاسخيّة تأمّل ، إذ ليست بصريحة في كلّ مكان ، ولا في كلّ زمان ، وفي الأولى بالنّسبة إلى الثّاني كذلك ، وبعد التسليم ، التّخصيص خير من النسخ وأيضا بعض أحكامها باقية ، فلا يكون منسوخة قال في مجمع البيان وعندنا أنّه على التحريم فيمن يرى لهذه حرمة ولا يبتدؤننا فيها بالقتال فيكون التحريم مخصوصا بهذين بدليل من إجماع أو خبر ، وتركنا تفصيل أحكام القتال لوضوحها في الكتب الفقهيّة مع عدم الاحتياج إليه ، ولهذا تركنا أكثر الآيات المشتملة على بعض أحكام الجهاد ولكن ذكرنا البعض تبعا للأصحاب ولبعض الفوائد.
الثالثة: (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٣).
تدلّ على وجوب الجهاد ، وعلى نفي الضرر والحرج كما يدلّ عليه الخبر والعقل أيضا ولكن فيه إجمال.
الرابعة: (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٤).
أي قاتلوا الكفّار في دين الله وطريقه الّذي بيّنه لكم ليعبدوا الله عليه ، أي قاتلوهم لإعلاء كلمته وإعزاز دينه حتّى يسلكوه ويرجعوا إليه ، قيل : أمروا بقتال الرجال الّذين يقدرون على القتال عادة دون النساء والصّبيان والشيوخ
__________________
(١) براءة : ٥.
(٢) البقرة : ١٩٠.
(٣) الحج : ٧٧.
(٤) البقرة : ١٨٧.