كنت عليكم لم أضرّكم فخذوا مالي ودعوني ، فأعطاهم ماله وهاجر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وأنّ المراد بحسنة هي المدينة ، والمهاجر عنها هي مكّة ، حرم الله الّذي هو محبوب كلّ القلوب ، فكيف بقلوب من كان مسقط رأسه لعموم اللفظ ، وعدم التخصيص بالسّبب كما بيّن في الأصول ، فقول الكشّاف وغيره (وَالَّذِينَ هاجَرُوا) هم رسول الله وأصحابه ظلمهم أهل مكّة ففرّوا بدينهم إلى الله ، إلى قوله : وقيل هم الّذين كانوا محبوسين معذّبين بعد هجرة الرسول صلىاللهعليهوآله وكلّما خرجوا تبعوهم فردّوهم ، منهم بلال وصهيب وخبّاب وعمّار يحتمل أن يكون بيانا لسبب النزول لا حصر المراد فيهم.
الخامسة: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (١) الجمع والتذكير باعتبار المعنى (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) بالنّصح والطلب إلى حكم الله (فَإِنْ بَغَتْ) «تعدّت» (إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ») حتّى ترجع إلى حكم الله (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا) اعدلوا في كلّ الأمور (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) العادلين تدلّ على وجوب الإصلاح بين المؤمنين وأنّه إذا لم يصطلحوا يجب قتال الظالمة منهما حتّى يرجع عن الظلم إلى أمر الله العدل ، ويدلّ عليه أيضا قوله (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) من حيث إنّهم انتسبوا إلى أصل واحد هو الايمان الموجب للحياة الأبديّة ، وهو تعليل وتقرير للأمر بالإصلاح ، ولذلك كرّره فقال (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) وضع الظاهر موضع المضمر مضافا إلى المأمورين للمبالغة في التقرير ، والتخصيص ، وخصّ الاثنين لأنّهما أقلّ من يقع بينهما ما يوجب الصّلح من الشقاق (وَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفة أمره وحكمه (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) على تقواكم.
السادسة: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) (٢) الاية.
__________________
(١) الحجرات : ٩.
(٢) الممتحنة : ١٠.