أحكامه المتضمّنة للحكم والمصالح (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) كرّر لفظة الله في الجمل الثلاثة لاستقلالها ، فإنّ الأولى حثّ على التقوى ، والثانية وعد بإنعامه والثالثة لتعظيم شأنه ، ولأنّه أدخل في التعظيم من الضمير ، فدلّت على تحريم مطلق الإضرار بالمعنى الّذي مرّ وأكّده بأنّ فعله فسق وليس ببعيد فهم كون صاحبه فاسقا فلا يكون عادلا وعلى وجوب التقوى والوعد والوعيد.
الثانية: (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) (١).
أي إن وقع وثبت غريم ذو عسرة فكان تامّة ، وحاصله إن كان غريم من غرمائكم أي الّذي عليه حقّ ومال ذا عسرة أي فقر وعديم المال ، والجملة شرطيّة والجزاء (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) أي فالواجب أو فعليكم أو فلتكن نظرة ، والنظرة التأخير وهو اسم قائم مقام المصدر أي الانظار ، ومثله كثير ، والميسرة والميسور بمعنى اليسار ، والغنى والسعة ، كذا في مجمع البيان ، واختلف في حدّ الإعسار فروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : هو إذا لم يقدر على ما يفضل عن قوته وقوت عياله على الاقتصاد ، والظاهر أنّه يريد قوت يومه والعيال الّذي يجب عليه نفقته من الزوجة والمملوك والآباء والأولاد على ما ذكره الأصحاب وأيضا استثنى له ثياب تجمّله ومهنته وخادمه إن كان من أهله ، وداره وما عرفته ولعلّه بالاعتبارات والروايات كما في ثوب المهنة والدار ، وبالإجماع عندهم فبعدم ذلك تتحقّق الميسرة واليسار.
واختلف أيضا في الدين الّذي يجب إنظار صاحبه إذا كان معسرا فقيل مطلق الدين كذلك ، وهو ظاهر كلام الأصحاب بل ظاهر الآية ، والمرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام وقيل : الحكم مخصوص بدين الربا كما هو ظاهر الآية ، وقيل الأمر مخصوص به والباقي كذلك بالقياس كذا في مجمع البيان (وَأَنْ تَصَدَّقُوا) أي تصدّقكم بمالكم على الغريم بالإبراء أو بصيغة التصدّق ، والأوّل ألصق معنى
__________________
(١) البقرة : ٢٨٠