في أموال أنفسهم طيّب ، لأنّ الخبيث والطيّب إنّما يكون باعتبار العاقبة ، ويحتمل أن يكون معناه لا تبدّلوا الخبيث بالطيّب ، أي لا تعطوا الخبيث من أموالكم بالطيّب من أموالهم ، قيل : كانوا يأخذون الطيّب مثل السمين من أموال الأيتام ، ويخلّون بدله الخبيث المهزول من أموالهم ، فنهوا عن ذلك ، ثمّ أكّد التحريم بعدم جواز أكل أموالهم ، ولو كان قليلا أو التصرّف مطلقا ، ويكون الأكل كناية عنه بانضمام شيء منها إلى أموالكم فيفهم الانفراد بالطريق الأولى ، ويحتمل أنّه كان الواقع ذلك فنهى عنه ، فأكّد بأنّ ذلك الأكل كان ذنبا عظيما ، وهذه مخصّصة فإنّ أكل مقدار اجرة المثل أو ما يحتاج إليه الوصيّ لما دلّ عليه قوله (فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) جائز ، وكذا أكل أموالهم بالانضمام مع التخمين ، بحيث يعلم عدم أكل زيادة على أموالهم ، لما روي أنّه لما نزلت هذه الآية كرهوا مخالطة اليتامى فشقّ ذلك عليهم ، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأنزل الله سبحانه (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ) الآية قال في مجمع البيان وهو المرويّ عن السيّدين الباقر والصادق عليهماالسلام فتأمّل.
الثانية : (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (١).
الابتلاء هو الاختبار والامتحان وهو هنا تتبّع أحوال اليتامى حتّى يتبيّن حالهم من الرشد ، فان ثبت يعطوا أموالهم وإلّا فيترك حتّى يتبيّن ، وقد بيّنا في شرح الإرشاد كون الابتلاء قبل البلوغ أو بعده وظاهر قوله (فَإِنْ آنَسْتُمْ) إلخ كونه بعد البلوغ لأنّه أوجب الله تعالى دفع الأموال إليهم بعد إيناس الرشد ، فلو كان
__________________
(١) النساء : ٥.