وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) ظاهرها أنّه لا تخالفوها ولا تنكثوها فيدلّ على أنّ خلف الحلف والحنث حرام كفّر أم لا ، فتجب الكفّارة بعد الحنث وأنّه لا يجوز نكثه بوجه وعلى تقدير الجواز لا وجه للكفّارة ، فمذهب الشافعيّ بتجويزه بعد الكفّارة محلّ التأمّل ، وكذا صحّة الخبر المتقدّم ، فإنّه على تقدير انعقاده يجب حفظه لهذه الآية ونحوها فكيف يجوز رفعه بالكفّارة ، إلّا أن يقال بالحلّ كما قال أصحابنا للنصّ والإجماع ولأنّ الانعقاد مشروط بكون ما يحلف عليه راجحا أو مساويا بالإجماع على الظاهر والأخبار ، وعلى تقدير القلب بالمرجوحيّة لا يبقى شرط الانعقاد ودوامه فتأمّل فيه ، وللأيمان شروط وأحكام مذكورة في محلّها.
(كَذلِكَ) مثل ذلك البيان (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ) أعلام شرائعه (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله تعالى على التعليم أو سائر نعمه الواجب شكرها ، فانّ مثل هذا البيان يسهّل لكم المخرج ، ويحصّل الخلاص بالكفّارة في الدنيا عن العقاب ، فيجب شكر نعمة شرع الكفّارة وبيانها على وجه واضح كسائر النّعم.
(الخامس عشر العتق)
وفيه آيات مثل قوله تعالى :
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) (١).
الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآله «الّذي» زيد بن الحارثة وإنعام الله عليه توفيقه للإسلام ، وإنعامه صلىاللهعليهوآله إعتاقه بعد أن ملكه بالأسر (٢) فدلّت الآية على مشروعيّة تملّك الإنسان وعتقه بل رجحانه وكون المعتق منعما ، والآيات الدالّة عليه كثيرة لا يحتاج إلى الذكر ، ولنذكر آية الكتابة وهي قوله :
__________________
(١) الأحزاب : ٣٧.
(٢) بل ملكه صلىاللهعليهوآله بالهبة وهبته له خديجة زوجته عليهاالسلام نعم أسره بنو القين في الجاهلية وشروه في سوق عكاظ أو سوق حباشة من حكيم بن حزام وقد اشتراه هو لعمته خديجة بنت خويلد. راجع أسد الغابة ج ٢ ص ٢٢٥ ، الإصابة ج ١ ص ٥٤٥ ، والاستيعاب بذيله ج ١ ص ٥٢٥.