ولا تهتمّ بأمر الرزق والمعيشة ، فانّ رزقك يأتيك من عندنا ، ونحن رازقوك ، ولا نسألك إن ترزق نفسك ولا أهلك ، ففرّغ بالك لأمر الآخرة ، وعن عروة بن الزبير أنّه كان إذا رأى ما عند السلاطين قرأ «وَلا تَمُدَّنَ الآية» (١) ثم ينادي الصلاة الصلاة رحمكم الله ، وعن بكر بن عبد الله المزنيّ كان إذا أصاب أهله خصاصة قال : قوموا وصلّوا ، بهذا أمر الله رسوله صلىاللهعليهوآله ثمّ يتلو هذه الآية.
ثمّ ظاهر الآية وجوب أمر أهله بالصلاة فقطّ ولعلّ المراد وجوبها على الآمر بها أيضا وترك للظهور إذ هو مأمور بالصّبر عليها ، وعدم جعل طلب الرزق وكسبه مانعا عن ذلك ، معلّلا بأنّه يأتيه من عند الله ما يحتاج إليه هو وأهله من غير سبب وكسب ، وتخصيص الأهل يحتمل لكثرة الاهتمام ، وكونه معهم دائما وكون رزقهم مانعا.
فيحتمل المضمون ترك الكسب للرزق بالكلّية ، والتوجّه إلى الأمر بالمعروف والتصبّر على مشاقّة الصلاة والأمر بها ، وعدم تكليفه برزق نفسه وعياله ، ويكون ذلك من خصائصه ، ويحتمل العموم إن توجّه إليها غيره صلىاللهعليهوآله مثل توجّهه إليها كما في آيات أخر (٢) ولهذا قيل من كان في عمل الله كان الله في عمله ، وقال بعض الفقهاء : طالب العلم المتّقي لا يحتاج إلى الكسب للرزق فإنّه يأتيه من عند الله بغير كسب من حيث لا يحتسب.
وفي مجمع البيان : واءمر يا محمّد أهل بيتك وأهل دينك بالصّلاة وروى أبو سعيد الخدري قال : لمّا نزلت هذه الآية كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأتي باب فاطمة وعليّ عليهماالسلام تسعة أشهر عند كلّ صلاة فيقول : الصلاة الصلاة رحمكم الله إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ، ورواه ابن عقدة بإسناده بطرق كثيرة عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وغيرهم ، مثل أبي برذة وأبي رافع (٣) وقال أبو جعفر عليه الصلاة والسلام أمره الله تعالى أن يخصّ أهله دون الناس ليعلم الناس أنّ لأهله
__________________
(١) طه : ١٣١.
(٢) قوله تعالى. (وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ).
(٣) وقد أخرج جميعها في البحار في تاريخ أمير المؤمنين عليهالسلام الباب الخامس.