(لِيُنْفِقْ) إشارة إلى كيفيّة الإنفاق على الزوجة بل مطلقا بأن ينفق (ذُو سَعَةٍ) على ما يليق بحال مثله (مِنْ سَعَتِهِ) في المعيشة مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ولا يخرج عن ذلك إلى الطرفين إسرافا وتقتيرا اللّذين هما منهيّان ، والفقير كذلك وإليه أشار بقوله (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) فلا يتكلّف تكلّف الأغنياء بل يعطي وينفق ممّا قدّر الله له ، ولا تكلّف بالزائد ، ولا ينقص عن اللائق بحاله ، فإنّه منهيّ عنه ، وبالجملة يعمل ما يتعارف في أمثاله مع القدرة فإنّ الله تعالى لم يكلّفه بأزيد من ذلك لأنّه ما أعطاه فكيف يكلّفه به ، وإليه أشار بقوله (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) إشارة مدلّلة حسنة فافهم ، فهو يدلّ على القبح العقليّ وأنّ التكليف بما لا يطاق بل بما يشقّ لا يقع من الله ، بل محال ، وفيه وفيما بعده (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) تطييب لقلب الفقراء ، بل من يجب نفقتهم عليهم ووعدهم بحصول العوض وتبديل العسر باليسر ، إمّا في الدنيا أو في الآخرة على سبيل منع الخلوّ كذا في الكشاف. وفي القاضي : تطييب لقلب المعسر والأوّل أولى.
(النوع الرابع)
(في أشياء من توابع النكاح)
وفيه آيات :
الاولى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) (١).
الخطاب له صلىاللهعليهوآله والمقول لهم هم المسلمون ولعلّ اللّام مقدّر ، والتقدير ليغضّوا فتأمّل ، ويبعد أن يكون بتقدير غضّوا يغضّوا إذ المناسب الفاء مع أنّ حذف المقصود وذكر غير المقصود غير موجّه ، وأيضا الخبر غير مناسب إذ مضمونه قد لا يقع وفي الكشّاف من للتبعيض والمراد غضّ البصر عمّا يحرم ، والاقتصار به على ما يحلّ وجوّز الأخفش أن تكون مزيدة وأباه سيبويه وأنت تعلم أنّ التبعيض هنا يفيد
__________________
(١) النور : ٣١.