عنها ، ويؤدّوها في أوقاتها ، ويقيموا أركانها ، ويوكّلوا نفوسهم بالاهتمام بها ، وبما ينبغي أن يتمّ به أوصافها. وأيضا قد وحّدت أوّلا لتفاد الخشوع في جنس الصلاة أيّ صلاة كانت وجمعت آخرا لتفاد المحافظة على أعدادها ، وهي الصلوات الخمس ، والوتر والسّنن المرتّبة مع كلّ صلاة ، وصلاة الجمعة ، والعيدين والجنازة ، والاستسقاء ، والكسوف ، والخسوف ، وصلاة الضحى ، والتهجّد ، وصلاة التسبيح ، وصلاة الحاجة وغيرها من النوافل أي أولئك الجامعون لهذه الأوصاف ، هم الوارثون الأحقّاء بأن يسمّوا ورّاثا دون من عداهم ثمّ ترجم الوارثين بقوله (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ) فجاء بفخامة وجزالة لارثهم لا يخفى على الناظر ومعنى الإرث ما مرّ في سورة مريم (١). أنّث الفردوس على تأويل الجنّة وهي البستان الواسع الجامع لأنواع الثمر ، وروي أنّ الله تعالى بنى جنّة الفردوس لبنة من ذهب ، ولبنة من فضّة ، وجعل خلالها المسك الأذفر وفي رواية لبنة من مسك مذرى ، وغرس فيها من جيّد الفاكهة ، وجيّد الريحان.
ففيها دلالة على الترغيب بمحافظة الصلوات بالمعنى المتقدّم ، وأنّه لا بدّ من محافظة جميعها حتّى يكون موجبة لحصر إرث الفردوس ، والخلود في المتّصف بها بخلاف الخشوع ، فإنّه يكفي في الواحدة أيّها كانت كما ذكره صاحب الكشاف وإنّ جميع ما ذكره من الصلوات مرغوبة إلّا صلاة الضحى فإنّها بدعة عندنا.
(النوع الثاني)
في دلائل الصلوات الخمس وأوقاتها وفيه آيات :
الاولى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ
__________________
(١) قال في سورة مريم في تفسير قوله تعالى (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا) استعارة أى نبقي عليه الجنة كما يبقى على الوارث مال الموروث ، ولأن الأتقياء يلقون ربهم يوم القيامة قد انقضت أعمالهم وثمرتها باقية وهي الجنة ، فإذا أدخلهم الله الجنة فقد أورثهم من تقواهم كما يورث الوارث المال من المتوفى. منه رحمهالله.