(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (١).
المشهور في سبب نزولها أنّه صلىاللهعليهوآله خلا بمارية جاريته في يوم حفصة أو عائشة وعلمت بذلك حفصة فقال لها صلىاللهعليهوآله اكتمي علي فقد حرّمت مارية على نفسي ، وما كتمتها بل قالت لعائشة فطلّقها رسول الله صلىاللهعليهوآله واعتزل نساءه تسعا وعشرين ليلة في بيت مارية.
وروي أنّ عمر قال لها : لو كان في آل الخطّاب خيرا لما طلّقك رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وروي أنّه شرب عسلا في بيت زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا له : إنّا نشمّ منك ريح المغافير ، وكان يكره رسول الله ويشقّ عليه أن يجيء منه الرائحة الكريهة فحرّم العسل كذا في الكشاف وقيل إنّه شرب في بيت حفصة وعلمت عائشة وغارت فأرسلت إلى صواحبها فأخبرتهنّ وقالت : إذا دخل عليكنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلن إنّا نجد منك ريح المغافير ، فقالت له عائشة وصواحبها ذلك فكره ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحرّم على نفسه العسل ، فأنزلت الآية.
وفي هذا السبب شيء عظيم لحفصة ولعائشة أعظم حيث كذبت وغدرت وفتنت وأمرت بهذه المناكير ، وحصل الأذى للنبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك حتّى حرّم على نفسه ذلك واعتزل من النساء ونزلت هذه الآية الّتي تشعر بتوبيخه صلوات الله عليه مع معلوميّة إثم أذاه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله من قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ومن قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) ومن قوله (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٢) وفي الأخبار ما يدلّ على أنّ
__________________
(١) التحريم ١ و ٢.
(٢) براءة : ٦١. الأحزاب : ٥٧ و ٥٨.