ذلك على ما فهم ممّا سبق ، وحقوق الأزواج عليهنّ في أنفسهنّ بأن يبذلن أنفسهنّ لهم ، ولا يمنعنهم ولا يتزيّنّ لغيرهم ، ولا يخرجن عن البيوت بغير إذنهم ، بل ولا يخرجن عن إذنهم حتّى لا يصمن ندبا ولا يحججن كذلك إلّا بإذنهم على ما ذكروه.
فهذا معنى قوله (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فإنّ حقوقهم عليهنّ في أنفسهنّ بهذه المثابة دون حقوقهنّ ، فحقوقهم زيادة على حقوقهنّ في الحقّ أو في الشرف والفضيلة فإنّه من جهة القوام ومتعلّق بأنفسهنّ بخلاف حقوقهنّ وهنا روايات مشتملة على بيان حقوق الجانبين مفصّلة وزيادة حقّ الزوج على حقّ الزوجة حتّى وقع في بعضها عنه صلىاللهعليهوآله لو كنت آمر أحدا يسجد لأحد لأمرت المرأة لتسجد لزوجها (١) ومن كثرتها عليها قالت امرأة بعد أن سمعت عن النبيّ صلىاللهعليهوآله حيث قالت فما لي من الحقّ عليه مثله؟ قال لا ، ولا من كلّ مائة واحدة : والّذي بعثك بالحقّ نبيّا لا يملك رقبتي رجل أبدا (٢) فمنه ومن أمثاله يعلم معنى قوله (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي) ومعنى (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فافهم (وَاللهُ عَزِيزٌ) أي قادر على الانتقام ممّن خالف الأحكام (حَكِيمٌ) يشرع الأحكام بحكم ومصالح ولا يفعل فعلا خاليا عن الحكمة والمصالح لأنّه عبث ولغو ولهو ، والله منزّه عن ذلك ، علوّا كبيرا ، وقد علمت ممّا سبق أنّ الآية الكريمة مخصوصة بالمدخول بها للإجماع والأخبار وقوله تعالى (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) لعلّها في غير المدخول بها ولغير ذوات الأحمال ، فإنّ أجلهنّ أن يضعن حملهنّ ، فلا معنى لارتكاب النسخ ههنا والقول بأنّه نسخ بعضها مع أنّه خلاف الاصطلاح وممّا لا ضرورة لارتكابه.
الخامسة : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) (٣).
ولمّا بين عدّة المطلّقة البيّن حيضها بقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ
__________________
(١) رواه أبو داود وأحمد كما في مشكاة المصابيح ص ٢٨٣.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٥١١.
(٣) الطلاق : ٤