وذكر ما هو ظاهر ومذكور في الكتب إلّا أن يقال : وهو داخل في اتّباع ظنّ المجتهد فتأمّل فيه ، أو يقال إنّ ذلك خرج بالدليل اليقينيّ من إجماع ونحوه ممّا ثبت اعتباره بالدّليل اليقينيّ وإلّا يمنع جواز العمل بذلك الظنّ ، وهو أيضا بعيد ، إذ كثير من المسائل الأصوليّة إنّما تثبت بالظنّ كما يظهر لمن تتبّع فقد تكون هذه كذلك إلّا أن يقال وجوب اتّباع الظنّ الشرعيّ يقينيّ بالعقل والنقل ، كما قيل ذلك في اتّباع ظاهر القرآن والخبر المتواتر فتأمّل ، ويحتمل أن يكون مراده بالمنع من اتّباع الظنّ رأسا في القول على الله وهو بعيد جدّا ، بل لا تسع العبارة ذلك فتأمّل.
ثمّ اعلم أيضا أنّه قال في قوله تعالى (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) دليل على المنع من التقليد لمن قدر على النظر والاجتهاد ، وأمّا اتّباع الغير في الدّين إذا علم بدليل مّا أنّه محقّ كالأنبياء والمجتهدين في الأحكام فهو في الحقيقة ليس بتقليد ، بل اتّباع لما أنزل الله تعالى بعد أن قال : الواو للحال أو العطف والهمزة للردّ ، وأنت تعلم أنّه يفوّت المعنى الوصليّ الّذي فيه المبالغة فتأمّل فيه والمعطوف عليه غير ظاهر فيقدّر.
وفي الكشّاف أيضا جعله للحال وفي المطوّل للعطف وأيضا أنّه على تقدير الحاليّة لا دليل فيه أصلا فإنّ معناه ذمّ اتّباع الآباء حين عدم العقل وعدم الاهتداء وهو لا يستلزم عدم جواز تقليد من كان ذا عقل واهتداء أيضا بل لا دلالة فيها إلّا على تحريم ترك ما أنزل الله واتّباع الآباء لا على تحريم التقليد مطلقا لمن قدر على الاجتهاد فقط فتأمّل.
وأيضا لا يكفي في الاتّباع مجرّد كون المتّبع محقّا بل لا بدّ من دليل على الاتّباع حتّى يخرج من التقليد المذموم ، ويدخل في اتّباع الدليل كما أشرنا إليه سابقا فتأمّل.
وأيضا جواز تقليد من قدر على الاجتهاد لمن هو محقّ ومتّبع لما أنزل الله غير ظاهر إذ لا يجوز للمجتهد أن يقلّد آخر كما بيّن في الأصول فلا ينبغي تجويز