لقوله (وَما عَلَّمْتُمْ) فتكون هي شرطا أي إن أمسكن الجوارح المعلّمة من الكلاب قال القاضي وهو ما لم يأكل منه فاشترط في حلّه أن يكون الكلب ما أكل منه فلو أكل حرم ثمّ قال : وإليه ذهب أكثر الفقهاء ونقل فيه رواية وفيه تأمّل فإنّ فهم هذا المعنى من قوله (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) لا يخلو عن إشكال نعم لو صحّت الرّواية أو ثبت اتّباع الأكثر فهو المتّبع وإلّا فلا ويمكن أن يقال ثبت اشتراط التذكية إلّا ما خرج بالدليل وقد وجد في الكلب المعلّم الّذي لم يأكل ، فبقي الباقي تحت تحريم الميتة فتأمّل والظاهر أنّ المراد على تقدير اشتراط عدم الأكل ، عدم كونه عادة له فلو أكل نادرا لم يضرّ.
(وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) الضمير لما علّمتم ، والمعنى سمّوا عند إرسال الكلب أو لمّا أمسكن عليكم أي سمّوا عليه إذا أدركتم ذكاته أو سمّوا عند أكله والأوّل هو المشهور وهو المفهوم من الرواية السّابقة إلّا أنّه فهم منها تعيينه بقوله بسم الله والله أكبر والظاهر أنّه ليس كذلك إذ لا قائل به فيحمل على الاستحباب والأولى العمل بها (وَاتَّقُوا اللهَ) في محرّماته (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فيؤاخذكم بما جلّ ودقّ ، ففيه إشارة إلى الملاحظة التامّة في الصيد وغيره من الأحكام.
الثانية : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) (١) أكّد تحليل الطيّبات وقد مرّ معناها ، والمراد باليوم الآن لا اليوم المتعارف وعطف عليه (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) قيل المراد بالطعام ذبائحهم ، قال في مجمع البيان قاله أكثر المفسّرين وأكثر الفقهاء وجماعة من أصحابنا ، ولا يخفى بعده إذ ليس معنى الطعام الذبيحة لا لغة ولا عرفا ولا شرعا وأنّ المشهور بين أصحابنا هو أنّ ذبيحتهم حرام لقوله تعالى (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) و (ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) ولرواياتهم وقد تقدّمت في تفسير (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) وفي مجمع البيان أنّه لا يجوز أكل ذبائحهم بل ذبائح من خالف الحقّ مطلقا عندنا فتأمّل في التوفيق بين الكلامين.
ثمّ قال فيه أيضا وقيل إنّه يختصّ بالحبوب وما لا يحتاج إلى التذكية وهو
__________________
(١) المائدة : ٥.