واعلم أنّه مع البيان ثمّ التأكيد بأنّه يبيّن لعدم الضلال قد وقع الضلال والله يهدي إلى الصواب.
و (امْرُؤٌ) مرفوع بفعل مقدّر يفسّره (هَلَكَ) لأنّ «أن» لا تدخل إلّا على الفعل ، وهلك امرؤ فعل شرط ، و (لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) صفة لأمره ويحتمل الحال (وَلَهُ أُخْتٌ) حال ويحتمل العطف فيكون صفة أيضا أو حالا (فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ) جزاء (وَهُوَ) أي الامرئ (يَرِثُها) أي الأخت مبتدأ وخبر جزاء مقدّم ، إذ يفهم منه الجزاء لقوله (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) وهو اسم «لم يكن» وخبره «لها» ومرجع ضمير «كانوا» الظاهر أنّه الورثة و «رجالا» صفة أو حال وكذا «نساء» والجملة شرطيّة و «مثل» مبتدأ مضاف و «فللذكر» خبره ، والجملة جزاء (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فهو عالم بمصالح العباد في الحياة والممات ، وتقسيم المواريث ، فلا يفعل إلّا ما هو أصلح بحالهم دينا ودنيا فتأمّل.
الثامنة (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) (١) أي خشيت عصبتي الّتي باقية بعدي بأخذ أرثي و «كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً» لم تلد (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ) أي من عندك (وَلِيًّا) وارثا (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) أيضا (وَاجْعَلْهُ) أي ذلك الوارث «يا (رَبِّ رَضِيًّا)» راضيا مرضيّا ، ولم يكن مثل مواليّ الّذين خفت منهم فإنّهم كانوا شرار بني إسرائيل كذا في الكشاف وفيه دلالة على توريث الأموال كسائر الناس لأنّ المتبادر من الإرث هو ذلك فيكون حقيقة فيه فلا يصار إلى غيره إلّا مع الضرورة وليست ، ولأنّ الموالي الّتي يخاف منهم لذنوبهم ما كانوا يرثون النبوّة لعدم صلاحيتهم لها ، فإنّهم كانوا شرارا فلم يجعلهم أنبياء ولأنّهم لو كانوا قابلين لها لما كان معنى للخشية منهم وطلب غيرهم لأنّ نبيّ الله عالم بأنّ الله تعالى لم يعط النبوّة إلّا لمن يكون أهلا لهم ولأنّهم لم يكونوا رضيّا.
ويؤيّده آيات الإرث ، فلا يصار إلى غيره ولم يثبت «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث» فلا يمكن التخصيص به ، على أنّه لو سلّم صحّته ففي تخصيص القرآن المتواتر بخبر واحد سيّما إذا أنكره كثير ولم يرو إلّا عن واحد ، مع التهمة
__________________
(١) مريم : ٥.