فقول الكشّاف : هما يدلّان على الجنسين المتنافيين لجنسي العفيف والعفيفة دلالة مطلقة ، والجنسيّة قائمة في الكلّ والبعض جميعا ، فأيّهما قصد المتكلّم فلا عليه ، كما يفعل بالاسم المشترك ، غير جيّد ، وإن كان صحيحا في نفسه فتأمّل.
والزنا معلوم وهو وطي المرأة قبلا أو دبرا بغير عقد ولا شبهة بل عمدا عالما بالتحريم ، وهي تدلّ على تحريم ترك الحدّ أو البعض منه كمّا أو كيفا رحمة لهما بل مطلق الرحمة بأن يقال : مسكين عذّبوه ، وحصل له عذاب كثير ، ونحو ذلك ، وبالجملة الرحمة في دين الله أي طاعته وحكمه بخلاف مقتضاه حرام بل يفهم أنّها تسلب الايمان بالله واليوم الآخر ، يعني المؤمن بهما لا يفعل ذلك.
وتدلّ أيضا على وجوب إحضار طائفة ليشهد عذابهما ظاهره أنّها غير المجلّد بل غير الحاكم أيضا قيل أقلّ الطائفة ثلاثة ، وقيل اثنان ، وقيل أربعة ، وقيل واحد ، وهو منقول عن أبي جعفر عليهالسلام وابن عباس ومجاهد وإبراهيم ، كذا في مجمع البيان وفي الكشّاف : وعن ابن عبّاس أربعة ، ثمّ قال : فضّل قول ابن عبّاس لأنّ الأربعة هي الجماعة الّتي بها ثبت هذا الحدّ وفي التفضيل تأمّل.
(الثاني)
(حد القذف)
وفيه آية (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) (١) أي يقذفون العفيفات من الزنا غير مشهورات به ، وإن كان القذف هو السبّ مطلقا ، وذلك قد يكون بغيره مثل يا آكل الربا يا شارب الخمر ، والّذي يدلّ على ذلك لفظة المحصنات ، وكون الشهود أربعة وسوق الكلام ، والقذف بالزنا مثل أن يقال يا زانية وظاهر «الّذين» شامل للحرّ والعبد ، والعاقل والمجنون ، والبالغ والصبيّ ، والمسلم وغيره ، ولكن قيّد بالعقل والبلوغ كأنّه للإجماع ولعدم التكليف ، وبعضهم قيّد بالحرّ أيضا وليس بواضح
__________________
(١) النور : ٤.