(كتاب الجنايات)
وفيه آيات :
الاولى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) (١) أي بسبب قتل قابيل هابيل قضينا على بني إسرائيل وبيّنا لهم حتّى يعلموا ولم يقع منهم مثل ما وقع منه (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ) أي بغير قتل نفس يوجب القصاص (أَوْ) بغير (فَسادٍ فِي الْأَرْضِ) قيل كالشرك وقطع الطريق أو إشارة إلى أنّ أحدهما كاف لجواز القتل وأنّ في التحريم لا بدّ من نفيهما ، والظاهر من الفساد أعمّ فيدلّ على إباحة القتل للفساد ، ويدلّ على جوازه لمطلق الفتنة أيضا قوله تعالى (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) (٢) ولكنّ الفتنة والفساد مجملتان غير واضحتين نعم ، الظاهر أنّ ما يوجب القتل حدّا داخل فيه ، مثل اللّواط وزني المحصن ، ونحو ذلك ولو وجد القائل بقتل من يوقع الفتنة والفساد بين المسلمين ، بأن يفعل ما يوجب قتلهم ظلما ، مثل الّذي يسعى في استحقاق قتل المؤمن ، بأنّه رافضي وسبّاب وليس كذلك ، ويجعل فتنة كبيرة لكان حسنا والله أعلم.
(فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) من حيث إنّه هتك حرمة الدماء وسنّ القتل ، وجرّأ الناس عليه ، أو من حيث إنّ قتل الواحد والجميع سواء في استجلاب غضب الله تعالى والعذاب العظيم.
(وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) أي ومن تسبّب لبقاء حياتها بعفو عن قصاص ، ومنع عن القتل ، أو استنقاذ عن بعض أسبابه ، مثل الحرق والغرق فكأنّما فعل ذلك بجميع الناس ، والمقصود منه تعظيم قتل النفس وإحيائها. أو يكون إشارة إلى التودّد ومحبّة بعض إلى بعض كما أشير إليه في الأخبار بأنّ قتل واحد بمنزلة الباقي كلّه فيتألّم له جميع الناس ، فانّ ضرب واحد ضرب الكلّ ، وإذا حصل نفع وفرح لواحد
__________________
(١) المائدة : ٣٢.
(٢) البقرة : ١٩١.