الخامسة : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (١).
أي قاصدا إلى قتله عالما بإيمانه وحرمة قتله وعصمة دمه ، فيحتمل أن يكون الخلود حينئذ كناية عن كثرة المدّة ومقيّدا بعدم العفو والتوبة أو مستحلا لذلك ، أو قاتلا لإيمانه فيكون كافرا ، فلا يحتاج إلى التأويل والأخير مرويّ وقال في مجمع البيان وقيل معنى التعمّد أن يقتل على دينه ، رواه العياشيّ بإسناده عن الصّادق عليهالسلام وظاهر الآية يدلّ على عدم الكفّارة والدية للمقابلة ، ولكن ثبت كفّارة الجمع بالاتّفاق والأخبار ، بل القصاص أيضا ولهذا ذكرناها هنا وتفصيل أقسامه وتحقيق الكفّارة في الفقه ، وكذا تحقيق أنّ الحقّ للوارث فقط أوله وللمقتول أيضا وأنّه يفوت حقّ الوارث لو لم يصل إليه ومات فيرجع إلى الأوّل كما نبّه عليه المحقّق الثاني على ما نقل عنه في تحقيق المال ولا غرض مهمّة يتعلّق بتحقيق ذلك والظاهر أنّه لهما ، ولكنّ حقّ المقتول باق ، وإن سلّم القاتل نفسه للقصاص اقتصّ أم لا ، وبريء من حقّ الوارث الله يعلم ، وأيضا على القاتل توبة ولكن لا بدّ فيها من الخروج عن حقوق الورثة وأيضا يجوز العفو لله عنه وعن سائر العصاة إن شاء إلّا المشرك (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فيعوّض عن المقتول ووارثه حتّى يرضوا ويتجاوزوا عن حقوقهم.
والوعيد بالعقاب حقّ لله تعالى وتركه غير قبيح بل حسن كما أن توعّد عبدك بالضرب والقتل ثمّ مع القدرة تعفو عنه فإنّه لا محالة يعدّ حسنا ما لم يتضمّن تضييع حقّ غيرك ، ومفسدة أخرى ، والوعيد مقيّد بالمشيئة وعدم مشيّة الترك والعفو وهو ظاهر.
السادسة : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) (٢) أي ما صحّ وما استقام أو ما جاز له (أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) بغير حقّ واستحقاق كالقصاص والحدّ لعلّة من العلل أصلا (إِلَّا خَطَأً)
__________________
(١) النساء : ٩٥.
(٢) النساء : ٩٦.