لا خلف الكنف كما قاله المحقّق الثاني وجعل قبلة خراسان وأكثر بلاد العجم على وضع الجدّي خلف الكتف ، وغيّر ما كان على غير ذلك إليه (١) والظاهر خلاف ذلك وأنّ ما فعله بعيد جدّا خصوصا في الخراسان. الله يعلم.
ومنها: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٢).
«المشرق» مبتدأ «لله» متعلّق بمقدّر خبره ، و «المغرب» عطف عليه والفاء للتفريع وأين للمكان و «ما» زائدة كما في حيثما وكيفما ، متضمّن لمعنى الشرط ، وهو مفعول فيه لتولّوا ، وهو فعل شرط حذف نونه بالجزم وفاء «فثمّ» للجزاء و «وجه الله» مبتدأ و «ثمّ» ظرف لمقدّر خبره ، والجملة جزاؤه ، والمقصود من الآية على ما يفهم من الكشّاف أنّ البلاد والأرض المنقسمة إلى المشرق أي النصف الّذي فيه محلّ طلوعها ، والمغرب أي النصف الّذي فيه محلّ غروبها كلّها ملك لله ، ففي أيّ مكان فعلتم التولية بمعنى تولية وجوهكم شطر المسجد الحرام بدليل قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) فثمّ وجه الله أي ثمّ جهته الّتي جعلها قبلة لكم ، وأمركم أن تجعلوا وجوهكم إليها حيث ما كنتم أو فثمّ ذاته تعالى يعني عالم بما فعلتم فيه ، فيقبل منكم ويثيبكم مثل ما أثابكم في المسجد الحرام وبيت المقدس.
يعني أنّكم إذا منعتم أن تصلّوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس كما فهم من الآية السّابقة ، وهي (وَمَنْ أَظْلَمُ) الآية (٣) فإنّها قبلها بلا فصل فقد جعلت لكم الأرض مسجدا فصلّوا في أيّ بقعة وأيّ جزء منها أردتم فإنّ الكلّ لله ، وافعلوا التولية ، أي ولّوا وجوهكم شطر المسجد الحرام فانّ ذلك ممكن في كلّ مكان ، و
__________________
(١) اى غير ما كان لفظه على غير الكتف إلى الكتف.
(٢) البقرة : ١١٦.
(٣) والآية هكذا : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها وسعى إلى خرابها إلخ.