هذا أنّ فعل الإمام أكثر فضلا وأشدّ تأكيدا من فعل المأموم ، وإن كان فعل المأموم أيضا فيه فضل على ما بيّنّاه ، والأولى «الغير» بدل «المأموم» في الموضعين (١) والرّواية الأخيرة فإنّها تدلّ على أنّها من زينة الصّلاة ، وأنّه من التضرّع والخضوع فيها ومعلوم عدم وجوبهما ، فإنّهما زائدتان على الأصل والاحتياط أن لا يترك ، فإنّه نقل عن السيّد قدسسره وجوبه ، كأنّه لما تقدّم ، مع صحّة رواية عبد الله بن سنان فإنّها صحيحة في التهذيب ولرواية أخرى صحيحة في التهذيب (٢).
ويحتمل إرادة السيّد قدسسره أيضا بالوجوب الاستحباب فإنّه قد يطلق ذلك عليه ، ويؤيّده أنّه ما نقل عنه وجوب التكبير صريحا ويبعد وجوب الرفع به مع عدم وجوبه ، وجعل ذلك شرطا ، ولهذا قال الشهيد رحمهالله : كأنّه قائل بوجوب التكبير أيضا إذ لا معنى لوجوب الكيفيّة مع استحباب الأصل ، وفيه تأمّل معلوم ، ويدلّ على عدمه أيضا بعض الأخبار.
ويمكن فهم استحباب التعوّذ بالله ، وأخذ العوذة بالله من الشيطان ، والجنّ والإنس ، وسحرهم ، ومن عينهم ، من المعوّذتين ، وأيضا يمكن فهم استحباب الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى مع عدم العلم بحصول الذّنب ، فلا يبعد الغسل المستحبّ له حينئذ أيضا من سورة النصر ، وغيرها استفهم الله يفهّمك.
الثانية: (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٣).
لمّا ذكر العمل الصّالح قبله بقوله (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) الآية ذكر الاستعاذة من الشيطان اللّعين عند تلاوة القرآن ، إشارة إلى أنّ الاستعاذة من جملة العمل الصالح ، أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم من أن يوسوسك ويغلّطك وينسيك ، بأن تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وعبّر عن إرادة القراءة بالقراءة للظهور والتبادر كما يقال إذا أفطرت فقل هذا
__________________
(١) يعنى والاولى أن يقول : وأشد تأكيدا من فعل الغير وإن كان فعل الغير أيضا فيه فضل
(٢) المصدر السابق.
(٣) النحل : ٩٨.