الدعاء وإذا أكلت فسمّ واغسل يديك ، والمراد قبله كقوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) الآية روي عن عبد الله بن مسعود قال قرأت على رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت أعوذ بالله السّميع العليم من الشّيطان الرّجيم فقال لي : قل أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم ، هكذا أقرأنيه جبرئيل عليهالسلام عن القلم عن اللّوح المحفوظ (١) فظاهر هذه الآية الشريفة بانضمام أنّ الأمر للوجوب ، يفيد وجوب الاستعاذة عند ابتداء قراءة القرآن مطلقا حتّى أنّه لو قطعها في الأثناء ثمّ أراد أن يقرأ فيستعيذ ثمّ يقرء ولو كانت كلمة ، والحاصل أنّه يستعيذ دائما فيقرأ إلّا في الاستدامة ، فيلزم وجوبه في كلّ ركعة يقرأ فيها ، ولكنّ الظاهر أنّه ما ذهب إليه أحد من العلماء ، ويحتمل كون الوجوب من خصائصه صلىاللهعليهوآله ، نعم نقل وجوبها عن أبي عليّ الحسن بن الشيخ الطوسيّ رحمهماالله في أوّل الركعة قبل الحمد ، فقط ، محتجّا بها ، ولا دلالة فيها عليه بخصوصه ، وكأنّه نظر إلى أنّه يعلم الوجوب دائما ، وما ذهب إليه أحد من العلماء فيختصّ بأوّل الركعة ، فلا يكون المراد إلّا ذلك ، وهو بعيد إذ القول لغيره في ذلك أيضا غير ظاهر ، وإرادة قراءة الركعة الاولى من الصّلاة الواجبة من ذلك أيضا بعيد ، لا يفهم من غير قرينة دالّة عليه ، فلا يمكن إرادة الله تعالى ذلك فيحمل على الاستحباب دائما كما هو الظاهر ، ويؤيّده بعد التخصيص المذكور ، وقرب كون الأمر للندب ، ولو كان مجازا مع كثرته ، وكونه خيرا منه ، فتبقى الآية على عمومها ، وبعد وجوب الاستعاذة مع عدم القائل بمجرّد إرادة الأمر المندوب أي قراءة القرآن ، إذ له أن يرجع بعد ، فما تجب القراءة أصلا ، فكيف الاستعاذة؟ ولهذا قالوا لا يجب الغسل مثلا إلّا إذا كانت غايته من الصّلاة ودخول المساجد وقراءة العزائم واجبة ، فلا يوجبونه بقصد الصّلاة وغيرها ، وهو ظاهر ومصرّح به فتأمّل.
__________________
(١) راجع تفسير البيضاوي : ٢٣٢ ، المستدرك للنوري ج ١ ص ٢٩٤ ، أخرجه عن غوالي اللئالي.