.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الفرع الثاني : أعني ما إذا كان الالتفات بعد رفع الرأس ، فقد ظهر ممّا مرّ لزوم التدارك تحصيلاً للسجود المأمور به ولا ضير فيه بعد عدم قادحية الزيادة السهوية في السجدة الواحدة كما مرّ ، ولكن المشهور هو الاكتفاء بذلك وعلّله في الجواهر (١) بأنّ المتروك خصوصية معتبرة في السجود وهي كونه على ما يصح دون أصله ، فيشمله عقد المستثنى منه في حديث لا تعاد المقتضي للصحّة. فالمقام نظير ما لو أخلّ بالذكر أو الاطمئنان أو وضع سائر المساجد سهواً المحكوم بالصحّة بلا إشكال عملاً بالحديث.
أقول : الظاهر لزوم التدارك كما عرفت ، لوقوع الخلل في نفس السجود المأمور به.
وتوضيح المقام : أنّه لا ريب أنّ أجزاء الصلاة قد لوحظت على صفة الانضمام والارتباط ، فكل جزء إنّما يعتبر في المركب مقيّداً بالمسبوقية أو الملحوقية ، أو المقارنة مع الجزء الآخر بمقتضى فرض الارتباطية الملحوظة بين الأجزاء ، فالقراءة مثلاً المعدودة من أجزاء الصلاة هي المسبوقة بالتكبيرة والملحوقة بالركوع ، والمقارنة للقيام دون المجرّدة عن شيء منها ، فالإخلال بهذا القيد يستوجب الإخلال بذات الجزء لا محالة ، ومن هنا لو نسي القراءة وتذكّر بعد الدخول في الركوع كان محل التدارك باقياً بالنظر الدقيق ، لعدم الدخول بعدُ في الجزء المترتِّب فإنّه الركوع المتّصف بمسبوقيته بالقراءة ولم يتحقّق ، والمتحقِّق ركوع غير مسبوق ولم يكن جزءاً ، إلّا أنّ الإخلال بهذا القيد الناشئ من اللحاظ المزبور غير قادح في الصحّة بلا إشكال ، وإلّا لزم اللغوية في حديث لا تعاد ، لعدم الفرق حينئذ بين الخمسة المستثناة وغيرها ، إذ الإخلال بغير الخمس عندئذ يستوجب الإخلال بالخمس بطبيعة الحال ، فترك القراءة مثلاً ملازم لترك الركوع ، وترك التشهّد ملازم لترك السجود ، لعدم مسبوقية الركوع
__________________
(١) الجواهر ١٠ : ١٦٢.