والإقرار لله بالوحدانيّة ، والثاني الإقرار للرسول بالرسالة ، وأنَّ إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان ، ولأنَّ أصل الإيمان إنّما هو الشهادتان ، فجعل شهادتين شهادتين كما جُعِلَ في سائر الحقوق شاهدان ، فإذا أقرّ العبد لله عزّوجلّ بالوحدانيّة وأقرّ للرسول بالرسالة فقد أقرَّ بجملة الإيمان ؛ لأنّ أصل الإيمان إنّما هو بالله وبرسوله. وإنّما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة ، لأنّ الأذان إنّما وضع لموضع الصلاة ، وإنّما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل ، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه» (١).
وفي العلل لمحمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، قال : علّة الأذان أن تكبّر الله وتعظّمه وتقرّ بتوحيد الله وبالنبوّة والرسالة وتدعو إلى الصلاة وتحثّ على الزكاة ، ومعنى الأذان : الإعلام ، لقوله تعالى : (وأذانٌ من اللهِ ورسولهِ إلى الناس) (٢) ، أي : إعلام ، وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «كنتُ أنا الأذان في الناس بالحجّ» ، وقوله : (وأذِّن في الناس بالحجّ) (٣) ، أي : أعلِمهم وادعُهم.
فمعنى «الله» أنّه يخرج الشيء من حدِّ العدم إلى حدِّ الوجود ويخترع الأشياء لا من شيء ، وكلّ مخلوق دونه يخترع الأشياء من شيء إلاَّ الله ، فهذا معنى «الله» وذلك فرق بينه وبين المحدَث.
ومعنى «أكبر» ، أي : أكبر مِن أن يُوصَف في الأوّل ، وأكبر من كلِّ شيء لمّا خلق الشيء.
ومعنى قوله : «أشهد أن لا إله إلاَّ الله» : إقرار بالتوحيد ، ونفي الأنداد وخلعها ،
__________________
(١) مَن لا يحضره الفقيه ١ : ٢٩٩/٩١٤ ، علل الشرائع : ٢٥٨/٩ الباب ١٨٢ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ١٠٣ ـ ١٠٥.
(٢) التوبة : ٢.
(٣) الحجّ : ٢٨.