وما أن يتمّ المؤذن نداءه للظهر ثم العصر ، حتّى يحلّ الغروب وظلام الليل ، وإذا بتراتيل الإسلام :
أشهدُ أن لا إله الاَّ الله ، أشهدُ أن لا إله الاَّ الله.
أشهدُ أن محمّداً رسول الله ، أشهدُ أن محمّداً رسول الله تعلو من المآذن.
فالأذان حينذاك إعلام لإقامة الصلاة في غسق الليل ، وما أن يتمّ المؤمن صلاته ومناجاته مع ربّه حتّى ينصرف إلى الرقاد ، وإذا بالصبح يطلع عليه بفجره الصادق هاتفاً المؤذن فيه باسم الربّ الجليل وباسم الرسول الأمين تارة أُخرى :
أشهد أن لا إله الاَّ الله ، أشهد أن لا إله الاَّ الله.
أشهد أنّ محمداً رسول الله ، أشهد أنّ محمداً رسول الله.
ليقيم ما أمر به الله في كتابه (أقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشَّمسِ إلى غَسَقِ الليلِ وقرآن الفجرِ إن قرآنَ الفجرِ كانَ مَشهوداً) (١).
* * *
والأذان من السنن المؤكّدة التي حثّ عليها الشارع المقدّس ، وهي دعوة الخالق لعباده إلى الدخول في أجواء رحابه المباركة اللامتناهية فُرادى أو مجتمعين ، متراصّين متحابّين ، مؤمنين ، في زمان معيّن ومكان واحد ، وباتّجاه محور وقبلة واحدة ، يرهبون باجتماعهم أعداء الله وجند إبليس.
إنّه إذاً من أعظم الشعائر الإسلاميّة ؛ لكونه دعوة الحيّ القيّوم لتنبيه الغافلين وإيقاظ النائمين وتذكير الناسين ، بل هو من مصاديق قوله جلّ شأنه : (ومن أحسنُ
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.