وكلام النووي كما تراه فيه غفلة عن الفرق الشاسع بين الأمر بحب عليّ عليهالسلام والأمر بحب الأنصار ، لأن حبّ عليّ عليهالسلام مطلوب بذاته ، بخلاف حبّ الأنصار فإنّه مطلوب لسوابقهم ، ويؤكد ذلك أنّ في الأنصار منافقين ومنحرفين وأصحاب ارتباطات باليهود ـ وإن كانت غالبيّتهم من أنصار الإمام عليّ عليهالسلام ومخالفين لقريش ـ فلا يعقل أن يكون حبّهم جميعاً لذواتهم ، وإنّما كان الحب لهم كمجموعة لها مواقف محمودة.
ومثل الإمام عليّ كانت الصدّيقة فاطمة الزهراء ، إذ علّق الباري عزّ وجلّ رضاه وغضبه على رضاها وغضبها ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله : «إنَّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» (١) ، فصار رضى فاطمة معياراً لرضى الله ، وهو دليل على نزاهتها المطلقة وعصمتها وطهارتها التامّة من كلّ ما يشين ، إذ لا يعقل تعلق رضى الله برضى إنسان غير معصوم.
ولا يفوتنك ما أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي ذر الغفاري ، قال : قال رسول الله : «من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني».
وقال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (٢).
وفي هذا الحديث دلالة على كمال الإمام عليّ وعصمته ، لأنا نعلم أن رسول الله لا يداهن ولا يجامل ولا يبالغ ، وبذلك يكون معنى الحديث أن إرادة الإمام عليّ منبعثة من إرادة الله ولا يمكن أن تتخلف عن إرادته جل وعلا ، وكراهته منبعثة عن كراهة الله ، ولا يمكن أن تتخلف إحداهما عن الأُخرى ، إذ لو أمكن التخلّف لكان
__________________
(١) المعجم الكبير ١ : ١٠٨ و ٢٢ : ٤٠١ ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٠٣ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٤ ، الإصابة ٨ : ٢٦٦.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢١.