حاشا أفصح مَن نطق بالضاد مِن اللغو في كلامه ، وحاشا أفصح من نطق بالضاد من التكرار في كلامه ، [دون معنى متوخّى ، فإنّه صلىاللهعليهوآله] أراد أن يُفهمنا أن مسألة معيّتهما [هي] معيّة من نوع خاص ، ويشير إلى أبعادها العميقة ، ذلك أن المعيّة بين شيئين أو أكثر ، عندما تطلق ، فيقال : زيد مع عمرو ، فهي أعمّ من أن يكون هذا الطرف في الإضافة متقدّماً رتبة على ذاك أو متأخّراً عنه ، بل تدلّ على أنهما معاً بقطع النظر عن رتبة كلّ منهما.
وربّما كان فيها إشارة إلى أنّ المَقْرون أقلّ رتبةً من المقرون به ، لهذا أعاد النبيّ صلىاللهعليهوآله صياغة هذه المعية ، ليقول للمفكّرين : لا ينبغي أن تفهموا من قولي : «عليّ مع القرآن» أن عليّاً أقلّ رتبة من القرآن ، بل القرآن مع عليّ أيضاً ، فهما وجودان متعادلان» (١).
ويؤيّد هذا الاستنتاج ما جاء عن النبيّ : «عليّ مني وأنا من عليّ» (٢) ، وقوله صلىاللهعليهوآله لعليّ : «أنت مني وأنا منك» (٣).
ولو جمعنا آية المودة ، مع آية التطهير ، مع حديث الثقلين ، وما جاء في أهل الكساء ، وقوله : لا يزال الدين عزيزاً حتّى يكون منهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش (٤) ، وقوله : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (٥) ، وغيرها من الآيات والروايات ، لعرفنا دلالة هذه النصوص على الولاية التي هي بمعنى
__________________
(١) الحقّ المبين : ١٠٥ للمرجع الديني الشيخ الوحيد الخراساني.
(٢) سنن الترمذي ٥ : ٣٠٠ ح ٣٨٠٣ ، مصنف بن أبي شيبة ٧ : ٥٠٤ ح ٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤ ح ١١٩.
(٣) صحيح البخاري ٣ ـ ٤ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ كتاب الصلح / باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان ...
(٤) صحيح مسلم ٦ : ٤ كتاب الامارة ، سنن بي داود ٤ : ١٠٦ ح ٤٢٨٠.
(٥) وسائل الشيعة ١٦ : ٢٤٦ كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.