الإمامة ، لا بمعنى الصاحب والُمحبّ ، وما شابه ذلك من المفاهيم التي تطرحها مدرسة الخلفاء ونهج الاجتهاد والرأي.
عرفنا إذاً أنّ الخطاب في آية المودّة هو لعموم المسلمين الذين آمنوا برسالة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله ، لا لخصوص المشركين من قر يش حسبما قاله البعض ؛ لكون الآية مدنية وإن كانت السورة مكية ، فلا يُعقل أن يخاطب الرسول أعداءه من المشركين ويطلب منهم أجراً على رسالته.
وكذا لا يصحّ ما قاله البعض الآخر : من أنّ الآية تشير إلى معنى تودّد المسلمين في التقرّب إلى الله ، ومعنى كلامهم هذا أنّ القربى استعملت بمعنى مطلق التقرّب ، وهذا باطل لغو ياً حيث لم يرد هذا المعنى في المعاجم.
ويضاف إليه : كيف يمكن للرسول أن يوقف أجر رسالته على نفسها ، لأنّ المسلم وباتّباعه الرسالة يحصل له القرب إلى الله ، فلا معنى للتودّد والإلحاح في القرب إليه ؛ لأنّه توقيف الشيء على نفسه ، وإن كان كذلك فلا يكون أجر الرسالة بل هو نتيجة الرسالة.
هذا ، وإنّك لو طالعت التاريخ الإسلامي لعرفت أنّ مفهوم القربى كان في الصدر الأوّل يطلق على عليّ وفاطمة والحسنين ، ثمّ أطلقت على أبنائهم المعصومين لاحقاً.
روى الحاكم النيسابوري في المستدرك عن الإمام الحسن قوله : وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كلّ مسلم فقال تبارك وتعالى (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت (١).
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٧٣.