ذلك لوقفنا على حقائق مذهلة ، ولعرفنا موقف النهج الحاكم بعد رسول الله من أهل بيت الرسالة وموت الزهراء وهي واجدة على أبي بكر وعمر (١). ولعرفنا أيضاً مدى المفارقة بين ترك برّ فاطمة وترك الدعوة للولاية وبين تأكيدات الرسول على الاهتمام بالعترة تلو يحاً وتصر يحاً ، مِن مِثل وقوفه صلىاللهعليهوآله كلّ يوم ـ مدة ستة أشهر ـ على باب فاطمة بعد نزول آية التطهير يناديها للصلاة بقوله «الصلاة الصلاة ، إنّما ير يد الله ليذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهّركم تطهيرا» (٢).
ومما يَحسُن بنا أن نتفطّن له هو أن هذا الموقف من رسول الله إنّما يُنبئ عن وجود ترابط عميق بين بر فاطمة وولدها ومسألة الصلاة ، وبمعنى آخر بين الولاية والعبادة ، إذ أنّ وقوف الرسول المصطفى على باب فاطمة لمدة ستة أشهر لا يمكن تصوّره لغواً بأيّ حال من الأحوال ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآله كان يقف داعياً المطهَّرين من عترته إلى الصلاة ، مُعلِماً بوجود لون من التواشج بين الصلاة والعترة. ورسولُ الله حلقةُ الوصل والربط بين ركيزة التوحيد «الصلاة ، الصلاة» وبين الولاية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ ...). ونلحظ في هذا النص : قول الله «القران» ، وفعل الرسول «الوقوف» ، ونتيجة لزوم الاعتقاد بمنزلة العترة والقربى وأن مودتهما وطاعتهما عبادة منجية.
سادساً : إن الخلفاء المتأخّر ين أيضاً أدركوا سرّ الحيعلة الثالثة فحرصوا أشدّ
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ ـ ٦ : ٢٥٣ ، كتاب المغازي باب غزوة خيبر ح ٧٠٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٧٩ ، كتاب الجهاد باب قول النبي لا نورث إنما تركناه صدقة ، تاريخ المدينة لابن شبة ١ : ١٩٧.
(٢) مسند أحمد ٣ : ٢٥٩ ، ٢٨٥ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٥١ ح ٣٢٠٥ ، كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة الاحزاب ، المستدرك للحاكم ٣ : ١٥٨ ، مصنف ابن أبي شيبة ٦ : ٣٩١ ح ٣٢٢٦٢ ، كتاب الفضائل باب في فضل فاطمة عليهاالسلام.