الحرص على حذفها ، ولم يرضوا بها ممن خطب لهم ولَبِسَ خِلَعَهم وانضوى تحت لوائهمَ ، بل أصرّوا على ضرورة حذفها ؛ لأنّها رمز يشير إلى بطلان حكوماتهم. وسيأتيك ذلك في الفصل الرابع لدى الكلام عن تاريخ الحيعلة في مكّة وحلب سنة ٤٦٣ هـ. وحسبك منها ما كان من القائم بأمر الله العباسي ، حين أخبره نقيب النقباء أبو الفوارس طرّاد بأنّ محمود بن صالح خطب له بحلب ولبس الخلع القائمية ، حيث قال له : أيّ شيء تساوي خطبتهم وهم يؤذنون بـ «حيّ على خير العمل»!!
كلّ هذه النصوص توكّد أنّ المراد الأساسي من «خير العمل» هو بر فاطمة وولدها ، والولاية والإمامة التي بها قوام الصلاة والصوم والزكاة والحجّ وسواها ... لا شيء آخر ، فصار الخليفة ـ حسب كلام الإمام المعصوم ، والاستقراء التاريخي ـ لا يرضى أن يقع (دعاء إليها وتحر يض عليها) ، لأن ذلك يعني التشكيك بشرعيّة خلافته وخلافة مَن قبله ، وهو المعنيّ من كلامه عليهالسلام (ما نودي بشيء كالولاية).
وجاء في الغَيبة للنعماني عن عبدالله بن سنان أنّه عليهالسلام قال في معرض كلامه عن علامات ظهور القائم من آل محمّد عجل الله تعالى فرجه الشر يف : وأنّه سيكون في السماء نداء «ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته».
قال عليهالسلام فـ (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) على الحق وهو النداء الأوّل (١) ، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض ، والمرضُ واللهِ عداوتُنا (٢).
ولو قرأنا تفسير الأئمّة لقوله تعالى (إليه يَصعَدُ الكلمُ الطيّبُ والعملُ الصالح يرفعه) لعرفنا المنزلة العظيمة للولاية وسبب معاقبة عمر للقائل بها ، لأنّ الكلم الطيّب لو كان قد صعد إليه سبحانه وتعالى بنفسه ، فما معنى العمل الصالح يرفعه
__________________
(١) دون النداء الثاني الذي ينادي به إبليس لعنه الله.
(٢) الغيبة للنعماني ١٧٣ ـ ١٧٤ باب ما جاء في العلامات التي تكون قبل قيام القائم.