وبهذا فقد تبيّن لنا من كلّ ما سبق أنّ لـ «حيّ على خير العمل» أصلاً شرعيّاً ثابتاً ، لكنَّ الظروف السياسيّة العصيبة ونهي عمر بن الخطّاب ، لعبا دوراً كبيراً في طرح شرعيّتها جانباً ـ وقد مرّت عليك بعض الروايات التي صُرّح فيها بحذف الحيعلة الثالثة للتقية من الرواة الذين كانوا يخافون على أرواحهم عند اشتداد سطوة الظالمين ـ ومع كلّ ذلك العسف ترى الصمود الشيعي في جانب آخر ، لذلك راح أتباع الحَذْفِ بعد أن لمسوا شدّة المتمسّكين بها يدّعون بأنّها منسوخة ، وعلى الرغم من شراسة الحملة الموجّهة ضدّ هذا الأصل الشرعيّ وعنف وقسوة رموزها ، إلاّ بأنّ المنصفين لم يتمكّنوا من التجّرؤ والقول بأنَّ «حيّ على خيرالعمل» بدعة ، وأكثر ما توصّلوا إليه أن يقولوا عنها : إنّ ذلك الأمر لم يثبت ، و: ما لم يثبت فمن الأولى تركه وعدم الإتيان به!
ولكن ، هل مال جميع المسلمين إلى ذلك؟
أبداً ، فكثير من الصحابة وكل أهل البيت وعدّة من التابعين أصرّوا إصراراً شديداً على التمسّك بالإتيان بـ «حيّ على خير العمل» في أذانهم والتأكيد الحازم الجازم على شرعيّة الإتيان بها ، وأن ليس من عامل شرعيّ قطعيّ دعا إلى طرحها وإسقاطها .. وقد مرّت في مطاوي البحوث شواهد كثيرة تؤيِّد صحّة ذلك بموضوعية ، وقد كان هذا الفصل هو الموضّح لكيفية «تحوّل هذا الأصل الشرعيّ» إلى شعار يميّز الشيعة عن غيرهم ، وقد اتّضحت بين ثناياه الدوافع التي دعت أهل السنّة لأن يتّخذوا من (الصلاة خير من النوم) شعاراً لهم ، حيث كانت لهذه الجملة أبعادٌ متصلة باجتهاد الخليفة عمر! لا سنة رسول الله.
لقد تجسدت شعاريّة هذا الموضوع بوضوح في العصور المتأخِّرة ، ويمكن القول