ارتباطها بمسألة هامة ترتبط بصميم الخلافة والإمامة ، وهذا ما أثبتناه بالأرقام في الصفحات السابقة (١) ، وقد عرفت كيف تحوّلت الحيعلة الثالثة إلى شعار للطالبيين ولشيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ومحبّي الزهراء البتول عليهاالسلام عبر القرون ، وأنّ ثبات الشيعة عليها وتمسّكهم بها يمثّل بحثا استراتيجيّاً بين الفريقين وحدّاً فاصلاً بينهما ، ولعلّ ما روي عن الإمام أبي الحسن الكاظم عليهالسلام عن تبيان علّتي النهي الظاهرة والخفية ـ التي مرّ ذكرها ـ جاء للكشف عن النوايا والتوجّهات الحكومية التي أرادت أن تطمس أنَّ خير العمل هو : «بر فاطمة وولدها».
وبعد أن بينا تعاريف «خير العمل» في روايات أهل البيت : سابقاً ، وانها تعني : «الولاية» و «بر فاطمة وولدها» ، نصل إلى أنّ نهي الخليفة يمثّل إعلاناً عن عدم الاعتناء ببر فاطمة ، وهو ما يعود بالنتيجة إلى الولاية والخلافة وأن عمر بن الخطاب لا يريد الإشارة إلى خلافة غيره ، بل إنه لا يريد الإشارة إلى كلّ ما يتعلق بها.
وممّا يدعم هذا المعنى ما تنطوي عليه العقوبة التي فرضها عمر بن الخطاب على القائل بها ، فقوله (أنهى عنها) أو (أُعاقِبُ عليها) بمثابة اعتراف مبدئيّ منه بشرعيّة «حيّ على خير العمل» ، واعتراف ضمني على ما يجول في دواخله ، ولذلك فقد ربط نهيه عن «حيّ على خير العمل» بنهييه عن متعتَي النساء والحجّ ، اللَّذَيْنِ أكد الإمام عليّ وابن عبّاس ورعيل من الصحابة على شرعيتها ، بخلاف عمر والنهج الحاكم اللذين دعيا إلى تركها ، فترك هذه الثلاث عُمَرِيٌّ ، وأمّا لزوم الإتيان بها أو جوازه فهو علوي ، إذاً الأمر لم يكن اعتباطاً ، بل جاء لوجود رابطة وعلاقة متينة بين كلّ الأمور المنهيّ عنها.
__________________
(١) انظر : الفصل الثالث (حيّ على خير العمل ، دعوة للولاية وبيان لاسباب حذفها).