تاج العروس [ ج ١٨ ]

قائمة الکتاب

    البحث

    البحث في تاج العروس

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    إضاءة الخلفية
    200%100%50%
    بسم الله الرحمن الرحيم
    عرض الکتاب

    لم يَعْتَقدِ التَّصْدِيقَ بقلْبِه فهو غيرُ مُؤَدِّ للأَمانَةِ التي ائْتَمَنَه اللهُ عليها ، وهو مُنافِقٌ ، ومَن زَعَمَ أَنَّ الإِيمانَ هو إِظْهارُ القَوْل دُونَ التَّصْدِيقِ بالقلْبِ فهو لا يخلو مِن أَنْ يكونَ مُنافِقاً أَو جاهلاً لا يَعْلم ما يقولُ أَو يُقالُ له.

    * قُلْتُ : وقد يُطْلَقُ الإِيمانُ على الإقْرارِ باللِّسانِ فقط كقوْلِه تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) (١) ، أَي آمَنُوا باللِّسانِ وكَفَرُوا بالجنانِ فتأَمَّل.

    وقد يكونُ الإيمانُ إظهارُ الخُضوعِ.

    وأَيْضاً : قَبولُ الشَّريعَةِ وما أَتَى به النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واعْتقادُه وتَصْديقُه بالقلْبِ ؛ قالَهُ الزجَّاجُ.

    قالَ الإمامُ الرَّاغِبُ ، رحِمَه اللهُ تعالَى : الإيمانُ يُسْتَعْمَلُ تارَةً اسْماً للشَّريعَةِ التي جاءَ بها النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتارَةً يُسْتَعْمَلُ على سَبيلِ المدْحِ ، ويُرادُ به إذْعانُ النَّفْسِ للحقِّ على سبيلِ التَّصْديقِ وذلِكَ باجْتِماعِ ثلاثَةِ أَشْياءٍ تَحْقيقٌ بالقلْبِ وإقرارٌ باللِّسانِ وعَمَلٌ بالأرْكانِ (٢) ، ويقالُ لكلِّ واحِدٍ مِنَ الاعْتِقادِ والقَوْلِ (٣) والصِّدْقِ والعَمَلِ الصالحِ إيمانٌ.

    والأمينُ : القَوِيُّ لأنَّهُ يُوثَقُ بقُوَّتِهِ ويُؤْمَنُ ضعفُه.

    وقالَ ابنُ السِّكّيت ، رحِمَه اللهُ تعالَى : الأَمينُ : المُؤْتَمِنُ ؛ وأَيْضاً : المُؤْتَمَنُ ، وهو ضِدُّ.

    والأَمينُ : صفَةُ اللهِ تعالى ، هكذا مُقْتَضَى سِياقِه وفيه نَظَرٌ إلَّا أَنْ يكونَ الأَمينُ بمعْنَى المُؤْمن للغَيْرِ ، وإلَّا فالذي في صفَتِه تعالى فهو المُؤْمن جلَّ شَأنه ، ومعْناه أَنَّه تعالَى آمَنَ الخَلقَ من ظُلْمِه ، أو آمَنَ أَوْلياءَه عذَابَه ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ.

    ورَوَى المنْذرِي ، رحِمَه اللهُ تعالَى عن أَبي العبَّاس : هو المصدِّقُ عبادَه المُسْلمين يومَ القِيَامَةِ إذا سُئِلَ الأُمَمُ عن تَبْلِيغِ رُسُلِهم ، فيُكذِّبونَ أَنْبياءَهم ، ويُؤْتَى بسيِّدِنا محمدٍ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيَسْأَلُونَه عن ذلِكَ فيُصدِّقُونَ الماضِينَ ، فيُصدِّقُهم اللهُ تعالى ، ويصدِّقُهم النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

    وقيلَ : هو الذي يَصْدُقُ عِبادَه ما وَعَدَهُم فهو مِن الإِيمانِ التَّصدِيقِ ، أَو يُؤْمِنُهم في القِيامَةِ عَذابَه فهو مِن الأَمانِ ضِدّ الخَوْف ؛ قالَهُ ابنُ الأثيرِ ، رَحِمَه اللهُ تعالى.

    وناقَةٌ أَمونٌ : وَثيقَةُ الخَلْقِ يُؤْمَنُ فُتُورُها وعِثارُها ، وهو مجازٌ.

    وفي الصِّحاحِ : هي الموثقةُ الخَلْقِ التي أُمِنَتْ أَن تكونَ ضعيفَةً ، ا ه. وهو فَعولَةٌ (٤) جاء في موْضِعِ مَفْعولةٍ ، كما يقالُ : ناقَةٌ عَضوبٌ وحَلوبٌ.

    وفي الأساسِ : ناقَةٌ أَمونٌ : قويَّةٌ مأْمونٌ فُتُورُها ، جُعِلَ الأَمْنُ لها وهو لصاحِبِها ؛ ج أُمُنٌ ، ككُتُبٍ.

    ومِن المجازِ : أَعْطَيْتُه مِن آمَنِ مالِي ، كصاحِبٍ : أَي مِن خالِصِه وشرِيفِه ، يعْنِي بالمالِ الإِبِلَ ، أو أَيَّ مالٍ كانَ ، كأَنَّه لو عَقَلَ لأَمِنَ أَن يُبْدَلَ (٥) ؛ قالَ الحُوَيْدرَةُ :

    ونَقِي بآمِنِ مالِنا أحْسابَنا

    ونُجِرُّ في الهَيْجا الرِّماحَ وندَّعِي (٦)

    ومِن المجازِ : ما أَمِنَ أَن يَجِدَ صَحابَةً : أَي ما وَثِقَ أَن يَظْفَرَ. يقالُ ذلِكَ لمَنْ نَوى السَّفَرَ ، أَو ما كادَ.

    وآمينُ ، بالمدِّ والقَصْرِ ، نَقَلَهما ثَعْلَب وغيرُهُ ، وكِلاهُما يصحُّ مَشْهوراً ، ويقالُ : القَصْرُ لُغَةُ أَهْلِ الحِجازِ : والمدُّ إشْباعٌ بدَليلِ أَنَّه ليسَ في اللغَةِ العَربيَّةِ كَلمةٌ على فاعِيلٍ.

    قالَ ثَعْلَب : قوْلُهم آمينُ هو على إشْباعِ فتْحَةِ الهَمْزَةِ فنَشَأَتْ بعْدَها أَلِفٌ ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ في القَصْرِ لجبيرِ ابنِ الأَضْبط :

    تَباعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ إذ رأيْتُه

    أَمينَ فزادَ اللهُ ما بَيْنَنا بُعْدا (٧)

    __________________

    (١) المنافقون ، الآية ٣.

    (٢) في المفردات : وعمل بحسب ذلك بالجوارح.

    (٣) في المفردات : «والقول الصدق» بدون واو العطف.

    (٤) في اللسان : فعولٌ.

    (٥) في اللسان : «يبذل».

    (٦) من المفضلية ٨ للحادرة ويقال الحويدرِة البيت ١١ ، واللسان والتهذيب والمقاييس ١ / ١٣٤.

    (٧) اللسان والصحاح.