وأَنْشَدَ في المَمْدُودِ لمجنُونِ بَني عامِرٍ :
يا ربِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أَبداً |
|
ويَرْحَمُ اللهُ عَبْداً قالَ آمِينا (١) |
وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي في لُغَةِ القَصْر :
سَقَى اللهُ حَيَّا بينَ صارَةَ والحِمَى |
|
حِمَى فَيْدَ صَوْبَ المُدْجِناتِ المَواطرِ |
أَمِينَ ورَدَّ اللهُ رَكْباً إليهم |
|
بِخَيْرٍ ووَقَّاهُمْ حِمامَ المَقادِرِ (٢) |
وقد يُشَدَّدُ المَمْدُودُ ؛ أَشارَ بقوْلِهِ : وقد إلى ضعْفِ هذه اللغَةِ. ونَقَلَها عياضٌ عن الدَّاودي ، وأَنْكَرَها غيرُ واحِدٍ مِن أَئمَةِ اللُّغَةِ ؛ ففي الصِّحاحِ فتَشْديدُ الميمِ خَطَأٌ.
وفي الفصيح : قالَ المَناوي : وقوْلُ بعضِ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّه لُغَةٌ وهمٌ قدِيمٌ وسبَبُه أنَّ [أبا] العبَّاسِ أحْمد بن يَحْيَى قالَ : وآمِينَ كعاصِينَ لُغَةٌ فتَوَهم أنَّ المُرادَ به صِيغَة الجَمْع لأنَّه قابلَه بالجَمْعِ ويردُّه قَوْل ابن جنِّي ما نَصَّه : فأَمَّا قَوْل أَبِي العبَّاس أنَّ آمِينَ بمنْزلَةِ عاصِينَ فإنما يُريدُ به أنَّ الميمَ خَفيفَةٌ كصادِ عاصِينَ ، لا يُريدُ به حَقيقَةَ الجَمْعِ ، وكيفَ ذلكَ وقد حُكي عن الإمامِ الحَسَنِ ، رحِمَه اللهُ تعالى ، أَنَّه قالَ : إنَّ آمِينَ اسمٌ مِن أَسْماءِ اللهِ ، عزوجل ، فأَيْنَ لكَ في اعْتِقادِ معْنَى الجَمْع على هذا التَّفْسِير؟
قالَ المَناوِي ، رحِمَه اللهُ تعالَى : ثم إنَّ المعْنَى غيرُ مُسْتَقيمٍ على التَّشديدِ لأنَّ التَّقدِيرَ ولا الضَّالِّين قاصِدِينَ إليك ، وذلكَ لا يَرْتَبِط بِمَا قَبْله.
ويُمالُ أَيْضاً ، نُقِلَ ذلِكَ عن الإِمامِ الحَسَنِ أَحْمد بن محمدٍ الواحِدِي في تفْسِيرِه البَسِيطِ وهو أَكْبَر مِن الوَسِيط والوَجِيز ، وقد شارَكَه الإِمامُ أَبو حامِدٍ الغَزاليّ ، رحِمَه اللهُ تعالَى في تَسْمِيةِ كُتُبِه الثلاثَةِ المَذْكُورَةِ ، تُوفي الإمامُ الواحِدِيُّ سَنَة ٤٦٨ ، رحِمَه اللهُ تعالَى.
قالَ شيْخُنا ، رحِمَه اللهُ تعالَى : وهذه الإمالَةُ غَيْر مَعْروفَةٍ في مُصنَّفاتِ كُتُبِ اللُّغَةِ ، وحَكَاها بعضُ القرَّاءِ وقالَ : هي لثْغَةٌ لبعضِ أَعْرابِ اليَمَنِ.
واخْتَلَفُوا في معْنَى هذه الكَلِمَةِ فقيلَ : اسمٌ مِن أَسْماءِ اللهِ تعالَى.
رَوَاه ابنُ جنِّي عن الحَسَنِ ، رحِمَه اللهُ.
والأَزْهريُّ عن مجاهِدٍ قالَ : ولا يصحُّ ذلكَ عنْدَ أَهْلِ اللّغَةِ من أَنَّه بمنْزِلَةِ يا ألله وأَضْمِر اسْتَجِبْ لي ، قالَ ولو كانَ كما قالَ لرُفِع إذا أُجْرِي ولم يكنْ مَنْصوباً.
أَو* مَعْناه : اللهمَّ اسْتَجِبْ لي ، فهي جمْلةٌ مُركَّبَةٌ مِن اسمٍ وفِعْلٍ ؛ قالَهُ الفارِسِيُّ ؛ قالَ : ودَليلُ ذلكَ أَنَّ موسَى ، عليهالسلام ، لمَّا دَعَا على فِرْعونَ وأَتْباعِه قالَ هَرون ، عليهالسلام : آمِينَ ، فطبَّق الجُمْلةَ بالجمْلةِ في موْضِعِ اسم الاسْتِجابَةِ : كما أنَّ صَهْ مَوْضوعٌ موْضِعُ ، اسْكُتْ ، وحقُّه مِنَ الإِعرابِ الوَقفُ لأنَّه بمنْزِلَةِ الأَصْواتِ إذا كانَ غَيْرَ مُشْتَقِّ مِن فِعْلٍ له ، لأنَّ النونَ فُتِحَتْ فيه لالْتِقاءِ الساكِنَيْن ولم تُكْسرِ النُّونُ لثقلِ الكَسْرةِ بعْدَ الياءِ ، كما فَتَحوا كيفَ وأَينَ.
أَو مَعْناه : كذلِكَ فليكُنْ ، أَو كذلكَ يكونُ ، أَو كذلكَ ربّ فافْعَلْ وفي حدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه رَفَعَه : «آمِينَ خاتمة ربِّ العالَمِيْن على عبادِهِ المُؤْمِنِين».
قالَ شيْخُنا ، رحِمَه اللهُ تعالَى : ومِن الغَريبِ قَوْل بعض العُلَماء : آمِينَ بَعْد الفاتِحَةِ دُعاءٌ مُجْمَل ويَشْتملُ على جَمِيعِ ما دُعي به في الفاتِحَةِ مفصَّلاً ، فكأَنَّه دعى مَرَّتَيْن ؛ كذا في التَّوْشيحِ.
وعبْدُ الرَّحْمنِ بنُ آمِينَ ، بالمدِّ ، أَو يامينٍ ، بالياءِ ، تابِعِيٌّ ذَكَرَه ابنُ الطَحَّانِ ؛ وعلى الأَخيرِ اقْتَصَرَ الإمامُ ابنُ حبَّان في الثِّقات وقالَ : هو مَدنيٌّ يَرْوِي عن أَنَس بن مالِكٍ ، رَضِيَ اللهُ تعالى عنه ، وعنه عبدُ الرحمنِ أَبو العَلاءِ.
والأُمَّانُ ، كرُمَّانٍ : مَنْ لا يَكْتُبُ كأَنَّه أُمِّيٌّ.
وأَيضاً : الزُّرَاعُ ، كرُمَّانٍ أَيْضاً ؛ وفي نسخةِ : الزِّرَّاعُ ، بالكسْرِ.
__________________
(١) اللسان والمقاييس ١ / ١٣٥ والصحاح.
(٢) اللسان بدون نسبة.
(*) بالقاموس : «و» بدل : أو.