الكَبير) (١).
المراد من الكتاب في قوله (أوحينا إليك الكتاب) هو القرآن بلا شكّ وكونه حقّاً لاَجل براهين قطعية تُثبت انّه منزل من ربّه فانّ قوانينه تنسجم مع الفطرة الاِنسانية والقصص الواردة فيها مصونة من الاَساطير ، والمجموع خالٍ من التناقض إلى غير ذلك من القرائن الدالة على أنّه حقّ. ومع ذلك هو مصدِّق لما بين يدي الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم من الكتاب السماوي.
هذا هومفاد الآية الاَُولى.
ثمّ إنّه سبحانه يقول : (ثُمَّ أَورَثْنا الكتاب) المراد من الكتاب هو القرآن : لاَنَّ الّلام للعهد الذكري أي الكتاب المذكور في الآية المتقدمة ، والوراثة عبارة عمّا يستحصله الاِنسان بلا مشقة وجهد ، والوارث لهذا الكتاب هم الذين ُأشير إليهم بقوله : (الذين اصطفينا من عبادنا) ، فلو قلنا بأنّ «من» للتبيين فيكون الوارث هو الاُمة الاِسلامية جميعاً ، ولو قلنا : إنّ «مِن» للتبعيض فيكون الوارث جماعة خاصة ورثوا الكتاب.
والظاهر هو التبيين كما في قولنا : (وَسَلامٌ عَلى عِبادِه الّذينَ اصْطَفى) (٢).
ولكن الاَُمة الاِسلامية صاروا على أقسام ثلاثة :
أ : ظالم لنفسه الَّذين قصرَّوا في وظيفتهم في حفظ الكتاب والعمل بأحكامه ، وفي الحقيقة ظلموا أنفسهم ، فلذلك صاروا ظالمين لاَنفسهم.
ب : مقتصد : الذين أدُّوا وظيفتهم في الحفظ والعمل لكن لا بنحو كامل
__________________
١. فاطر : ٣١ ـ ٣٢.
٢. النمل : ٥٩.