الثاني : ما يشعر بأنّه طلب منهم أجراً يرجع نفعه إليهم دون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فيقول سبحانه : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْأَجْرِيَ إِلاّعلى اللّهِ وهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهيد) (١).
الثالث : ما يُعرّف أجره ، بقوله : (قُلْ ما أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِمِنْ أَجْرٍ إِلاّمَنْ شاء أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِسَبيلاً) (٢). فكان اتخاذ السبيل إلى اللّه هو أجر الرسالة.
الرابع : ما يجعل مودة القربى أجراً للرسالة ، ويقول : (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّالمَوَدَّةَ فِي القُربى).
فهذه العناوين الاَربعة لابدّأن ترجع إلى معنى واحد ، وهذا هو الذي نحاول أن نسلّط عليه الاَضواء.
الجواب : انّ لفظة الاَجر يطلق على الاَجر الدنيوي والاَُخروي غير انّ المنفي في تلك الآيات بقرينة نفي طلبه عن الناس هو الاَجر الدنيوي على الاِطلاق ، ولذلك لم ينقل التاريخ أبداً أن يطلب نبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لدعوته شيئاً بل نقل خلافه.
هذه هي قريش تقدَّمت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي طليعتهم أبو الوليد ، فتقدم إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يابن أخي إن كنت إنّما تريد بما جئت به من هذا الاَمر ، مالاًً ، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد به شرفاً سوَّدناك علينا ، حتى لا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت تريد به ملكاً ملّكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيّا تراه لا تستطيع ردّه عن نفسك ، طلبنا لك الطبَّ ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نُبرئك منه ، فانّه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه ، أو كما قال له
__________________
١. سبأ : ٤٧.
٢. الفرقان : ٥٧.