وقد يطلق ويراد منها استغراق أفراده كقوله سبحانه : (يَا أَيُّها النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (١).
وثالثة تستعمل في العهد باعتبار معهودية مدخولها بين المتكلّم والمخاطب.
ولا يمكن حمل اللام في «البيت» على الجنس أو الاستغراق ، لاَنّ الاَوّل انّما يناسب إذا أراد المتكلم بيان الحكم المتعلّق بالطبيعة كما يعلم من تمثيلهم لذلك بقوله تعالى : (إِنَّ الاِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) (٢) ، ومن المعلوم أنّ الآية الكريمة ليست بصدد بيان حكم طبيعة أهل البيت ، كما لا يصح أن يحمل على العموم ، أي : جميع البيوت في العالم ، أو بيوت النبي ، وإلاّ لناسب الاِتيان بصيغة الجمع فيقول : أهل البيوت ، كما أتى به عندما كان في صدد إفادة ذلك ، وقال في صدر الآية : (وقرن في بيوتكن).
فتعين أن يكون المراد هو الثالث ، أي البيت المعهود ، فالآية تشير إلى إذهاب الرجس عن أهل بيت خاص ، معهود بين المتكلم والمخاطب ، وحينئذ يقع الكلام في تعيين هذا البيت المعهود ، فما هو هذا البيت؟ هل هو بيت أزواجه ، أو بيت فاطمة وزوجها والحسن والحسين عليهمالسلام؟
لا سبيل إلى الاَوّل ، لاَنّه لم يكن لاَزواجه بيت واحد حتى تشير اللام إليه ، بل تسكن كل واحدة في بيت خاص ، ولو أُريد واحداً من بيوتهن لاختصت الآية بواحدة منهم ، وهذا ما اتفقت الاَُمّة على خلافه.
أضف إلى ذلك أنّه على هذا يخرج بيت فاطمة مع أنّ الروايات ناطقة بشمولها ، وانّما الكلام في شمولها لاَزواج النبي كما سيوافيك بيانه.
__________________
١. التوبة : ٧٣.
٢. المعارج : ١٩.