وقد حاول القرطبي التفصّي عن الاِشكال فقال : إنّ تذكير الضمير يحتمل لاَن يكون خرج مخرج «الاَهل» كما يقول لصاحبه : كيف أهلك ، أي امرأتك ونساوَك؟ فيقول : هم بخير ، قال اللّه تعالى : (أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت) (١).
ولكن المحاولة فاشلة فانّ ما ذكره من المثال على فرض سماعه من العرب ، إنّما إذا تقدّم «الاَهل» وتأخّر الضمير ، دون العكس كما في الآية ، فإنّ أحد الضميرين مقدّم على لفظ «الاَهل» في الآية كما يقول : (عنكم الرجس أهل البيت).
وأمّا الاستشهاد في الآية فغير صحيح ، لاَنّ الخطاب فيها لاِبراهيم وزوجته ، فيصح التغليب تغليب الاَشرف على غيره في الخطاب والمفروض في المقام انّ الآية نزلت في زوجاته ونسائه خاصة فلا معنى للتغليب.
نعم انّما تصح فكرة التغليب لو قيل بأنّ المراد منه ، هو أولاده وصهره وزوجاته ، وهو قول ثالث سنبحث عنه في مختتم البحث ، وسيوافيك انّ بقية الاَقوال كلها مختلقة لتصحيح الاِشكالات الواردة على النظرية الثانية ، فلاحظ.
سيوافيك الكلام عند البحث في سمات أهل البيت ، انّ من سماتهم ، كونهم معصومين من الذنب وذلك بدليل كون من الاِرادة في قوله : (إنّما يريد اللّه ...) الاِرادة التكوينية ، التي لا ينفك المراد فيها عن الاِرادة وتكون متحقّقة وثابتة في
__________________
١. جامع الاَحكام : ١٤ / ١٨٢.