قد عرفت القولين المعروفين حول الآية ، كما عرفت الحق الواضح منهما ، فهلم معي ندرس سائر الاَقوال الشاذة التي لا تعتمد على ركن وثيق وإنّما هي آراء مختلقة لاَجل الفرار من المشاكل المتوجهة إلى ثاني القولين ، ونحن نذكرها واحداً بعد آخر على نحو الاِيجاز :
١. المراد من «البيت» هو بيت اللّه الحرام والمراد من أهله هم المقيمون حوله.
٢. المراد من «البيت» هو مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد من أهله هم القاطنون حوله ، وكان لبيوتهم باب إلى المسجد.
٣. المراد من تحرم عليهم الصدقة وهم ولد أبي طالب : علي ، جعفر ، وعقيل ، وولد العباس.
٤. المراد من البيت بيت النسب والحسب ، فيعم أبناء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونساءه(١).
وهذه الوجوه كلّها عليلة ، أمّا الاَوّل والثاني ، فلاَنّ إطلاق «أهل البيت» واستعماله في أهل مكة والمدينة استعمال بعيد لا يحمل عليه الكلام إلاّ بقرينة قطعية ، والمتبادر منه هو أهل بيت الرجل ، وعلى ذلك جرى الذكر الحكيم في موردين أحدهما في قصة إبراهيم قال سبحانه : (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) (٢). وثانيهما في قصة موسى قال سبحانه : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ) (٣).
أضف إليه أنّ الآية واقعة في سياق البحث عن نساء النبي ، فصرف الآية عنهصلىاللهعليهوآلهوسلم وإرجاعها إلى من جاور بيت اللّه أو من بات حول مسجده لا يساعد عليه
__________________
١. لاحظ في الوقوف على هذه الاَقوال تفسير الطبري : ٢٢ / ٥ ـ ٧؛ وتفسير القرطبي : ١٤ / ١٨٢؛ ومفاتيح الغيب للرازي : ٦ / ٦١٥؛ والكشاف : ٢ / ٥٣٨؛ وغيرها.
٢. هود : ٧٣.
٣. القصص : ١٢.