حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُوَْمِنُونَ) (١).
وأيّاً ما كان فهو إدراك نفساني وأثر شعوري يحدث من تعلّق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيّء وإذهاب الرجس عبارة عن إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تضاد حق الاعتقاد والعمل ، وعند ذلك يكون إذهاب الرجس معادلاً للعصمة الاِلهية التي هي صورة علمية نفسانية ، تحفظ الاِنسان من رجس باطني الاعتقاد وسيّء العمل(٢).
المنفي مطلق الرجس
إذا كان المراد من الرجس في الآية الكريمة هو الاَفعال القبيحة عرفاً أو شرعاً والمعاصي صغيرها وكبيرها ، فيجب أن يقال : إنّ المنفي في الآية هو عموم الرجس ، وذلك لاَنّ المنفي هو جنس الرجس لا نوعه ولا صنفه ، ونفي الجنس يلازم نفي الطبيعة بعامة مراتبها ، ولاَجل ذلك لم يكتف سبحانه بقوله : (ليذهب عنكم الرجس) بل أكّده بقوله : (ويطهّركم تطهيراً) ، فلو كان المراد نفي قسم خاص من الرجس ـ أعني : الشرك ، أو الاَوسع منه كالمعاصي الكبيرة ـ لما كان لهذه العناية وجه.
والحاصل : انّ المفهوم من قول القائل لا خير في الحياة ، أو لا رجل في الدار ، هو المفهوم من قوله : ليذهب عنكم الرجس ، والتفكيك بين المقامين غير مقبول. هذا هو الاَمر الاَوّل وإليك الكلام في الاَمر الثاني :
__________________
١. الاَنعام : ١٢٥.
٢. الميزان : ١٦ / ٣٣٠.