١. انّ الظاهر من الآية هو تعلّق إرادة خاصة بإذهاب الرجس عن أهل البيت ، والخصوصية إنّما تتحقّق لو كانت الاِرادة تكوينية ، إذ لو كانت تشريعية لما اختصت بطائفة دون طائفة ، لاَنّ الهدف الاَسمى من بعث الاَنبياء هو إبلاغ تشريعاته ودساتيره إلى الناس عامة لا لا َُناس معيّنين ، ولاَجل ذلك ترى أنّه سبحانه عندما شرّع للمسلمين الوضوء والغسل بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ...) علّله بقوله : (وَلَكِنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١) خاطب سبحانه الموَمنين عامة بالوضوء والغسل وعلّل تشريعه العام بتطهيرهم وإتمام نعمته عليهم وهذا بخلاف الآية التي نحن بصددها ، فإنّها خصّصت إرادة تطهيره بجمع خاص تجمعهم كلمة «أهل البيت» وخصّهم بالخطاب وقال : «عنكم أهل البيت» أي لا غيركم.
وبالجملة فتخصيص تعلّق الاِرادة بجمع خاص على الوجه الوارد في الآية ، يمنع من تفسير الاِرادة بالاِرادة التشريعية التي عمّت الا َُمّة جميعاً.
نعم لا يتوهم من ذلك انّ أهل البيت خارجون عن إطار التشريع ، بل التشريع في كل المجالات يعمّهم كما يعم غيرهم ، ولكن هنا إرادة تكوينية مختصة بهم.
٢. انّ العناية البارزة في الآية المباركة أقوى شاهد على أنّ المقصود بالاِرادة ، الاِرادة التكوينية لا التشريعية ، لوضوح أنّ تعلّق الاِرادة التشريعية بأهل البيت لا يحتاج إلى العناية في الآية ، وإليك بيان تلك العناية :
__________________
١. المائدة : ٦.