قد تعرفت على مفاد الآية : واتضح لديك انّ القرائن الداخلية في نفس الآية تدل بوضوح على أنّ الاِرادة الواردة في الآية إرادة تكوينية تعلّقت بطهارة أهل البيت وإذهاب الرجس عنهم ، ويكون وزان الاِرادة فيها وزان الاِرادة الواردة في الآيات التالية ونظائرها :
١. (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (١).
٢. (وَيُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ) (٢).
٣. (وَمَنْ يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (٣).
وعند ذلك تطرح في المقام أسئلة لا بد من الاِجابة عليها :
هل يصح تعريف الاِرادة التشريعية بالاِرادة المتعلّقة بفعل الغير ، كتكليفه سبحانه عباده بالصلاة والزكاة ، وتكليف الآمر البشري غيره بالسقي والرعي؟ وإذا كانت الاِرادة التشريعية عبارة عمّا ذكر ، فتكون الاِرادة التكوينية عبارة عن تعلّقها بفعل نفس المريد كتعلّق إرادته سبحانه بخلق السماوات والاَرض ، وإرادة غيره بالاَكل والشرب؟
الجواب : انّ تعريف الاِرادة التكوينية بما ذكر وإن كان صحيحاً ، لكن
__________________
١. القصص : ٥.
٢. الاَنفال : ٧.
٣. المائدة : ٤١.