وروى ـ أيضاً ـ أحمد ما يدلّ على ذلك (١).
وأنت تعلم أنّ عدّ هذا بالموافقات غريب ؛ فإنّه بالمخالفات أشبه ؛ لأنّه من فعل الحرام والمخالفة لله ورسوله!
غاية الأمر أنّه سبب نسخ الحكم ، وهو ليس من الموافقة في شيء ، إلاّ أن يكون عمر أراد بفعله الحرام نسخ حكم الله ، فنُسخ تبعاً له ؛ فتأمّل!
إلى غير ذلك من الموافقات التي لا ربط لجملة منها بالموافقة ، وينبغي عدّ كثير منها في الهزليّات ؛ فراجع (٢)!
ثمّ إنّ ما ذكره في كيفيّة الموافقة في قصّة أسرى بدر ، دالٌّ على أنّ الله سبحانه أنزل في النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر : (تريدون عرضَ الدنيا) (٣) ، وقوله تعالى : (لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم) (٤) ؛ فيكون النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) طالباً لعرض الدنيا ومستحقاً لأنْ يمسّه عذاب عظيم ، ومجوّزاً لأخذ الفداء من عند نفسه لا من الله تعالى ، وهذا هو الكفر والتكذيب لقوله تعالى : (وما ينطق عن الهوى * إنْ هو إلاّ وحيٌ يُوحى) (٥).
كما إنّه يوجب التناقض بين أقوال الله سبحانه ، فإنّه يقول : (وما آتاكُم الرسولُ فخُذُوه) (٦) ، ثمّ يؤنّبهم على أخذ الفداء ، وهو عن إذن
__________________
(١) ص ٤٦٠ من الجزء الثالث. منه (قدس سره).
(٢) انظر علاوة عمّا في «الصواعق المحرقة» : مجمع الزوائد ٩ / ٦٧ ـ ٦٨ ، كنز العمال ١١ / ٥٨٠ ح ٣٢٧٥٧.
(٣) سورة الأنفال ٨ : ٦٧.
(٤) سورة الأنفال ٨ : ٦٨.
(٥) سورة النجم ٥٣ : ٣ و ٤.
(٦) سورة الحشر ٥٩ : ٧.