هذا ، ومن العجيب إشارة عمر على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ بحسب ما رواه القوم ـ أن يمكّن من العبّاسِ حمزةَ ومن عقيل عليا (١) ، والحال أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قتل العبّاس خاصة وبني هاشم عامة ـ كما في تاريخَي الطبري وابن الأثير وغيرهما (٢) ـ ؛ لأنّهم أُخرجوا كرهاً ، وكان بعضهم من المسلمين ؛ فإنّ هذا من أعظم الصلافة وأشد المخالفة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكبر الإيذاء له ، مع أنّه أمر بما نهى الله عنه من قتل المسلمين!
وأمّا ما ذكره من موافقة عمر لأبي بكر في الجهاد ، وأنّه فتح الفتوح بعده ، فمسلّم ، لكن تلك الفتوح ناشئةٌ ممّا عوّدهم عليه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الجهاد والفتوح والغنائم ، ومتفرّعة عن بشارته يوم الخندق بفتح بلاد كسرى وقيصر (٣) ، وكلُّ أحد لو ولي بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وعلم تلك البشارة ـ لقام بما قاموا به.
ولو سُلّم أنّهم فتحوا تلك الفتوح بتدبيرهم وحزمهم ، فإنّما يكون مدحاً إذا كان لله تعالى ، لا للإمرة والسلطان ، وهو محلّ نظر!
__________________
(١) انظر : صحيح مسلم ٥ / ١٥٧ ، مسند أحمد ١ / ٣١ و ٣٢ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٤١ ـ ١٤٢ ح ٤٧٧٣ ، مسند أبي عوانة ٤ / ٢٥٤ ـ ٢٥٦ ح ٦٦٩٢ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٤٧٤ ح ٣٢ ، مسند عبد بن حميد : ٤١ ح ٣١ ، تفسير ابن أبي حاتم ٥ / ١٧٣٠ ـ ١٧٣١ ح ٩١٥٠ ، تفسير الطبري ٦ / ٢٨٧ ـ ٢٨٨ ح ١٦٣٠٨ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٣ / ١٣٧ ، تفسير الثعلبي ٤ / ٣٧١.
(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٣٤ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٢٥ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ١٧٧ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ١٧٣ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٣ / ١٤٠.
(٣) تاريخ الطبري ٢ / ٩٢ حوادث سنة ٥ هـ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٧١ ، البداية والنهاية ٤ / ٨١ ـ ٨٢.