البخاري أيضاً (١).
وليت شعري ، كيف يُستفهم عن الهجر من احتُمِل في حقّه الهجر؟!
وكيف يكون عمر مستفهماً وهو يقول : «حسبنا كتاب الله» ، الذي هو كلامُ معارِض لا مستفهِم ، حتّى لو حُمل استفهامه على الإنكار كما زعمه بعضهم؟!
وهل يُجامع الإنكارَ قولُه : «أَهَجَر؟! استفهموه!»؟! فإنّه لو أُريد به الإنكار على قائل لتعلّق به الاستفهام الإنكاري لا بالنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولَمَا كان مورد لقوله : «حسبنا كتاب الله»!
على أنّه لم يسبق أحد عمرَ إلى نسبة الهجر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى يُنكر عمرُ عليه ، بدليل ما رواه البخاري (٢) ومسلم (٣) ، عن ابن عبّاس ، قال : «لمّا حُضِرَ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال : هلُمّ أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده.
قال عمر : إنّ النبيّ غلبه الوجع وعندكم القرآن ، فحسبنا كتاب الله!
واختلف أهل البيت واختصموا ، فمنهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول الله كتاباً لن تضلّوا بعده ؛ ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا
__________________
(١) في أواخر كتاب الجهاد ، في باب إخراج اليهود من جزيرة العرب [٤ / ٢١١ ـ ٢١٢ ح ١٠]. منه (قدس سره).
وانظر : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٩٢ ، نسيم الرياض ٤ / ٣٠٧.
(٢) في باب كراهية الخلاف من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة [٩ / ٢٠٠ ح ١٣٤] ، وفي باب قول المريض : «قوموا عنّي» من كتاب المرضى [٧ / ٢١٩ ح ٣٠]. منه (قدس سره).
(٣) في آخر كتاب الوصيّة [٥ / ٧٦]. منه (قدس سره).