الصحابة ، وموافقة وصيّة أبي بكر لهواهم؟!
وهل تتصوّر أمراً لا تهواه أنفسهم ، ويخالفون النبيّ فيه بالصراحة ، ويجدون في منعه كلّ الجدّ بأقبح المنع ، غير الوصيّة لعليّ (عليه السلام) بالإمامة؟!
أو هل تتوهّم أنّ أمراً يُبكي ابن عبّاس فواتُه حتّى يخضب الحصباءَ ، ويتذكّره بعد طول المدّة ، ويجعل الحيلولة دونه كلّ الرزيّة ، غير خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!
أو هل تحتمل أنّ أمراً يتضمّنه الكتاب الصغير يكون مؤمناً من الضلال والاختلاف إلى آخر الأبد ، غير النصّ على أئمّة حفظة للدين ، عِلماً وعملا ، إلى يوم القيامة؟!
وما هم غير عليّ وأولاده الطاهرين ؛ لأنّ الحفظ كذلك لا يتمّ إلاّ بالعصمة ، ولا قائل بعصمة غيرهم.
ولو كان ذلك الحفظ يحصل بأبي بكر وأمثاله لَما وقع الضلال ، وهو واقع بكثرة ساحقة للهدى في طول السنين.
ويشهد لإرادة أئمّتنا (عليهم السلام) قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّي مخلّف فيكم الثِّقلَين ، إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً» (١).
فإنّ مرمى الحديثين واحد ، سوى إنّه يريد أن يكتب بهذا الكتاب تفصيل ما أجمله في حديث الثِّقلَين ، ويذكر الأئمّة بأسمائهم ؛ لتحصل فيه فائدة جديدة.
لكنّ القوم عرفوا مراده فمنعوه ـ كما اعترف به عمر في ما دار بينه
__________________
(١) راجع مبحث حديث الثِّقلَين في : ج ٦ / ٢٣٥ ـ ٢٥٠ ، من هذا الكتاب.