إلى أن قال : «وحجّ عمر بعد ذلك مرّةً ، فوافق الرقطاء بالموسم فرآها ، وكان المغيرة يومئذ هناك ، فقال عمر للمغيرة : ويحك! أتتجاهل علَيّ؟! والله ما أظنّ أنّ أبا بكرة كذَب عليك ، وما رأيتُك إلاّ خِفتُ أن أُرمى بحجارة من السماء.
قال : وكان عليٌّ بعد ذلك يقول : إنْ ظفرتُ بالمغيرة لأُتبعنّه الحجارة».
ثمّ إنّ رواية الطبري وابن الأثير ، وإن لم تشتمل على تلويح عمر إلى زياد بترك الشهادة ، لكنّها لا تنافي الروايات الكثيرة المصرّحة بتلويحه ، وقد سمعتَ بعضها.
ومنها : ما نقله في «كنز العمال» (١) ، عن البيهقي ، عن قَسَامة (٢) ابن زهير ، قال : لمّا كان من شأن أبي بكرة والمغيرة الذي كان ، ودعا الشهود فشهِد أبو بكرة ، وشهِد ابن معبد ، ونافع ، فشقّ على عمر حين شهِد هؤلاء الثلاثة.
فلمّا قام زياد قال عمر : [إنّي] أرى غلاماً كيساً لن يشهد إن شاء الله إلاّ بحق.
قال زياد : أما الزنا فلا أشهد به ، ولكن قد رأيت أمراً قبيحاً.
__________________
(١) في كتاب الحدود ص ٨٨ ج ٣ [٥ / ٤٢٣ ح ١٣٤٩٧]. منه (قدس سره).
وانظر : السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.
(٢) كان في الأصل : «أُسامة» ، وهو تصحيف ؛ والصواب ما أثبتناه من المصدر ؛ وهو : قَسَامة بن زهير المازني التميمي البصري ، تابعي ، روى له أبو داوود والترمذي والنسائي ، توفّي في أيام الحجّاج.
انظر : تهذيب الكمال ١٥ / ٢٧٩ رقم ٥٤٦٥ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٥١٠ رقم ٥٧٣٩.