قال عمر : الله أكبر! حُدوهم!
فجلدوهم ؛ فقال أبو بكرة : أشهد أنّه زان.
فهمّ عمر أن يُعيد عليه الحدّ فيها ، فنهاه عليٌّ وقال : إنْ جَلَدتَهُ فارجم صاحبَك ؛ فتركه ولم يجلده».
ومنها : ما نقله في «الكنز» أيضاً (١) ، عن عبد الرزّاق ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : «شهد أبو بكرة ، ونافع ، وشبل بن معبد على المغيرة ، أنّهم نظروا إليه كما يُنظَرُ المِرودُ في المكحلة.
فجاء زياد ، فقال عمر : جاء رجلٌ لا يشهد إلاّ بحقّ.
فقال : رأيت مجلساً قبيحاً ، وابتهاراً ؛ فجلدهم عمر الحدّ».
ونحوه في «الإصابة» بترجمة شبل بن معبد (٢).
فهذه الأخبار ونحوها صريحة الدلالة على أنّ عمر لوّح لزياد بترك الشهادة ، بل أخافه ؛ لهواه في المغيرة ، كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله : «صاحبك».
ودلّ عليه تغيّر حال عمر من شهادتهم ، حتّى كأنّ الرماد نُثر على وجهه.
ولو كان طالباً للحقّ وإزالة المنكر ، لجعل المغيرة عبرةً للأُمراء الّذين بهم قوامُ الدينِ وحِفظُه.
وقول الخصم : «إنْ لوّح ... فهذا مندوب إليه» ..
__________________
(١) ص ٩٥ ج ٣ [٥ / ٤٥٢ ح ١٣٥٨٩]. منه (قدس سره).
وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥ ح ١٣٥٦٦.
(٢) الإصابة ٣ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨ رقم ٣٩٦١.