خطأٌ ؛ لأنّ الله سبحانه قد حظر كتمان الشهادة مع طلب إقامتها (١) ، فيحرم التلويح والدعوة إلى الكتمان حينئذ ؛ لأنّه من الدعوة إلى الحرام ، بلا فرق بين أن تكون الشهادة في موجبات الحدود وغيرها (٢).
نعم ، يُندب الستر على الناس في غير مقام إقامة الشهادة ، وقبل طلبها من الشاهد ، ويُندب أن يلوّح الحاكم إلى المقرّ بالرجوع عن إقراره قبل الثبوت به (٣) ، وهو غير ما نحن فيه.
وأما قوله : «إنّ الإمام يجب عليه درء الحدّ بالشبهات» ..
فممّا لا ربط له بالمقام ؛ لأنّ المراد به : أنّ الفاعل إذا ادّعى شبهةً جائزةً في حقه ؛ كما لو وطأ أجنبية في مكان مظلم من داره ، وادّعى أنّه كان يراها زوجته ، فإنّه حينئذ يُدرأ عنه الحدّ ؛ لجواز الاشتباه في حقه واحتمال صدقه.
وهذا لا يقتضي ندب أن يلوّح الحاكم للشاهد بترك شهادته بما شاهده وحقّقه ، وإن كان الأمر مشتبهاً عند الحاكم.
ومن الظريف تعليله لقوله : «فهذا مندوب إليه» بقوله : «لأنّ الإمام يجب عليه درء الحد بالشبهات» ؛ فإنّ الوجوب لا يكون علّة للندب ،
__________________
(١) كما في قوله سبحانه وتعالى : (ومَن أظلمُ ممّن كتم شهادة عنده مِن الله) سورة البقرة ٢ : ١٤٠.
وقوله تبارك وتعالى : (ولا يأبَ الشهداء إذا ما دُعُوا ... ولا تكتموا الشهادة ومَن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبُه) سورة البقرة ٢ : ٢٨٢ و ٢٨٣.
(٢) انظر : المحلّى ٩ / ٤٢٩ رقم ١٧٩٨ ، شرح فتح القدير ٧ / ٣٦٥ ، المجموع شرح المهذّب ٢٠ / ٢٢٣.
(٣) انظر : الهداية ـ للمرغيناني ـ ٧ / ٣٦٧ ، شرح فتح القدير ٧ / ٣٦٧.