وحكى في «كنز العمّال» (١) ، عن عبد الرزّاق ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» ، وأبي داود في «ناسخه» ، عن عليّ (عليه السلام) ، قال : «لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطّاب لأمرتُ بالمتعة ، ثمّ ما زنى إلاّ شقيٌّ».
وأنت ترى أنّ هذه الأخبار الأخيرة ، نسبت النهي إلى عمر وإلى رأيه ، لا إلى روايته ، فيكون النهي منه ، لا من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا سيّما أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في الرواية الأخيرة : «لولا ما سبق من رأيه لأمرتُ بالمتعة» ؛ فإنّه (عليه السلام) لا يأمر بها إلاّ وهي حلالٌ من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهذا دليلٌ على أنّ المانع لأمير المؤمنين (عليه السلام) عن الأمر بها هو التقيّة ، وكراهة إظهار مخالفة عمر ؛ لئلا يتّخذها أعداؤه سبيلا للخلاف عليه.
وكيف يصحُّ نسخُ إباحتها وهي رحمة من الله للأُمّة ، كما قاله ابن عبّاس (٢)؟! إذ لا أقلّ في مصلحتها أنّها سببٌ لتقليل الزنا!
ومنها : ما نقله في «الكنز» (٣) ، عن ابن جرير في «تهذيب الآثار» ، عن أُمّ عبد الله ابنة أبي خيثمة ، أنّ رجلا قدم من الشام فنزل عليها ، فقال :
__________________
(١) ص ٢٩٤ ج ٨ [١٦ / ٥٢٢ ح ٤٥٧٢٨]. منه (قدس سره).
وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٥٠٠ ح ١٤٠٢٩ ، ولم نجده في «تهذيب الآثار» المطبوع.
(٢) انظر : أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٢ / ٢١٠ ، الفائق في غريب الحديث ٢ / ٢٥٥ مادّة «شفا» ، بداية المجتهد ٤ / ٣٣٤ ، تفسير القرطبي ٥ / ٨٦ ، لسان العرب ١٣ / ١٥ مادّة «متع».
(٣) ص ٢٩٤ ج ٨ [١٦ / ٥٢٢ ح ٤٥٧٢٦]. منه (قدس سره).